جاء البشير
تأليف الشيخ: مصطفى مقداد
جاء البشير مبشّراً بالمصطفى*فسما الوجود بفضله وتشرّفا
ألقى القميص وللعيون غشاوةٌ*فـجلا الغشاوة والقلوب لقد شفا
سِحر البيان بمدح أحمدَ قاصرٌ* حاشا لحُسن محمدٍ أن يوصفا
لو ومضة من نور طلعته بدَت*لَرأيت سحر بيانهم متلقَّفا
أكرم به طفلاً يناغي في الدجى*قمراً فَـيدنو للحبيب تلهفا
يا روعة الطفل اليتيم مباركاً *يُسقى به قوم ويُشفى مدنفاً
هذي الطفولة قد تناهت رفعةً* وصباه ما أنقى صباه وأشرفا
في الغار يدعو ربه متضرعاً*والناس تلهو أو تعظم زائفا
حتى أتى الوحي الامين مبشراً* أنت الرسول هداك ربك واصطفى
الله أدّبه وأحسن خُلقه*وكساه حُسناً ما كساه ليوسفا
هو أنورٌ متلألئ هو أبهج*هو أكحل العينين ليس تكلفا
كفاه ألين من حرير ناعم*ما مستا ذا علّة إلا اشتفا
يا يُمن كفٍ لو أشارت بالندى*فالغيث يهمي لا يرومُ توقفا
وإذا حثت بالرمل وجه عدوه* ذعر العدو بها وأدبرا واجفا
لما علا أحدا دهته مهابةً*وهو المُحب له فما د وأرجفا
ناداه اثبت فاستقر مكانه* لولا النداء لدك حتى ينسفا
ومع المهابة رحمة من ربه* نزلت فلان لصحبه وتلطّفا
فاضت أصابعه فأروت أمة* والبدر إذ شارت إليه تنصّفا
حنَّت لأحمد نخلةً وبكت له* فحنا عليها رحمةً وترؤفا
وأتته قنبرة فأطلق فرخها* نِعم المغيث لمن أتى متلهفا
وله البعير شكا وأرسل دمعه* يشكو له ظلماً مريراً مجحفا
رقّ الرسول له فنادى ربه* أحسن إليه ولا تسمه تعسّفا
هو رحمةً للعالمين وملجأ* يحمي ضعيفاً أو يؤمن خائفا
لم تعرف الدنيا گدين محمدٍ* ساوى الخلائق في الحقوق وأنصفا
يا من دعوت إلى السماحةِ في القضا*وضمنت عزاً للمحق إذا عفا
أرسيت أركان العدالة في الورى* من عاش في أكنافها لن يجحفا
شقيت شعوب إذ أضلَّت هَديه* قاسَت شقاءً مضنياً وتعسّفا
يا أمةً تشكو الشقاء لحالها* إنّ السعادة في اتّباع المصطفى
مَن مثل أحمدَ في الوفاء بعهده* مَن مثله في حفظ ودٍ أو وفا
نرجوك يا خير الخلائق كلها* في يوم عيدك أن تغيث وتُسعِفا
يا من ينادي في القيامةِ أمتي*والرسل تجثو رهبةً وتخوّفا
وله الوسيلة والشفاعة وحده* وعلى الخلائق كلها قد شرّفا
أنت الشفيع لنا وأنت ملاذنا*في كل خطبٍ أو بلاء أعنفا
ولما بنا من شدّةٍ أو كربةٍ*نرجو بجاهك أن تزول وتكشفا
انظر إلينا بالرضاء تكرّما* فَرِضاك يا خير الأنام هو الشفا
واغمر قلوباً قد أتتك مُحِبّةً*براً وفضلاً واسعاً وتعطّفا