إنه يومٌ تاريخيٌّ جليل، كما كان لغار حراء في تاريخها الاسلامي ذكريات وذكريات ،كذلك كان الأمر من غار ثور ، ينطلق موكب النور ، تحوطه عناية السماء وتمشي الدنيا في ركابه بجلال مهيب.
يا صاحب المختار في الغار النضيرْ
في هجـــرةٍ كنتَ المرافقَ والنصيرْ
***
بشــــــــرى لصــــــدّيقٍ رقيــــــــقٍ طبعُـــــــه
نــــال الكرامـــة والسعـــــادة والحبــــــورْ
أهنئ كل شعوب العالم الإسلامي بعيد رأس السنة الهجرية ، وهويوم ارتبط بالهجرة النبوية المباركة من مكة الى يثرب ، والهجرة بداية مرحلة في تاريخ الإسلام وهي ذات دلالات تربوية وروحية ، وقد اختارها المسلمون لكي يبتدئ بها تاريخ الإسلام والمسلمين ، ما أحوجنا أن نجعل هذا اليوم يوماً للمراجعة والمحاسبة لكي نعرف أين نحن ؟ وأين نقف ؟! وما موقعنا اليوم ..؟! وهل نحن نسير في الطريق الصحيح الذي علمنا إياه الإسلام .؟!.
“ومن يتوكل على الله فهو حسبه” جملة قرآنية كريمة، ذات دلالات عظيمة، شرط وجزاء مقترنان غير مفترقين، عامين غير خاصين، وقد تجلى ذلك أوضح ما يكون في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
حتى إذا كانت الهجرة من بَعدُ ، فانتقل الرسول إلى المدينة ، بدأتِ الدنيا تتقلقل ، كأنما مر بقدمه على مركزها فحركها ، و كانت خطواته في هجرته تخط فى الأرض ، ومعانيها تخط في التاريخ .. وكانت المسافة بين مكة و المدينة ، و معناها بين المشرق و المغرب
الهجرة النبوية أسبابها ونتائجها بقلم الدكتور : أحمد الحجي الكردي
لم تكن الهجر ة النبوية رحلة إجمام قام بها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة للنزهة أو للترفيه ، كما لم تكن هرباً من العذاب الشديد الذي كانوا يلاقونه على أيدي بعض زعماء قريش ابتغاء إلى الراحة والسكينة ، وإيثار العافية على المعاناة ، ولم تكن أيضاً تخلياً عن المسؤولية عن البلد الحرام الذي بقي أبد الدهر موئلاً للأتقياء والعباد من بني البشر ، ولا فراراً من الزحف ، ولكنها كانت مرحلة ضرورية لابد منها لسلامة سير الدعوة الإسلامي
يجتاز المسافر مرحلة من الطريق فيحطّ الرحال ، ويقف ليستريح ، فيتلفت وراءه ليرى كم قطع وينظر أمامه ليبصر كم بقي ، والتاجر تنتهي سنته ، فيقيم موازينه ويحسب غلته ، ليعلم ماذا ربح وماذا خسر ،وهذه (محطة) جديدة ، نقف فيها ونحن نسير على طريق الحياة ، وسنة أخرى تمضي من العمر ، أفلا نقف ساعة نفكر ونذكر ونحسب ونعتبر ؟
سنةٌ إسلاميةٌ هجريةٌ جديدة ، تطالعنا والكروب والحروب تلف العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه .. الدماء تسيل بغزارة في كل مكان ، والأشلاء تتناثر هنا وهناك ، تشرق علينا ذكرى الهجرة النبوية ، ونقف لنستلهم منها ما يضيء لنا واقعنا الأليم ، ونقترئ من الدروس والعبر ما يحل مشاكلنا المستعصية ، حيث أنوار الهجرة لا تنقطع ، ودروسها لا تنتهي .
يوم الهجرة المباركة من أيام الله ، من أيام فضله العظيم : أنجى الله عز وجل فيه نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ودينه ودعوته من عدوان الكافرين وفتكهم وإجرامهم فهو من أجدر الأيام بالتذكر الذي أمر به رسوله موسى صلى الله عليه وسلم في قوله : { وذكرهم بأيام الله }
من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة - والله ذو الفضل العظيم - فبادر أخي باغتنام هذا الفضل وابدأ عامك الجديد بالطاعة والمسابقة الى الخيرات ( إن الحسنات يذهبن السيئات )
بحوث مقالات أشعار عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة
مجموعة مقالات وأبحاث وأشعار حول هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة ، قال تعالى : إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
وهكذا تمر بنا مرة أخرى ذكرى هجرة المصطفى r من مكة إلى المدينة يحتضنها عام هجري جديد، تمر بنا هذه الذكرى كعادتها في صمت وتواضع لا تُعَبِّرُ عنها إلا العطلة الرسمية التي تلفت الأنظار وتنبه السادرين وتوقظ الغافلين، ولعله صمت تواضع وخشية ولعله صمت تدبر وتأمل
يراعيَ هذي غرة الموسم الهجري* فخطي وماغيـر التأمل من شعر
وناج رسول الله في موعد الوفـا * وفيضي بأنسام الرضا عن أبي بكر
وسيحي ففي أم القـرى ماتبثـه* غداة رماها الدهـر باليتم والقهر
في ذكرى هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يقف الإنسان متأملا عظمة هذا النبي وعظمة رسالته حيث ضرب لنا أروع المثل في إقامة روح العدل والتآخي والحضارة والنور والهد ى
في يوم الهجرة تعود إلى الأذهان صورة النور الإلهي ينطلق كمثل الينابيع الدافقة تفجرت في قلب الصحراء، فنشرت الحياة الطيبة في كل مكان، وكمثل شمس الربيع ضياءً لطيفاً تبدت كمالاته في وجه سيد المرسلين، فأخذت بمجامع القلوب، وهام بها عشاق المبادئ الإنسانية السامية، والمثل العليا الكاملة،
في مثل هذه الأيام من نهاية كل عام هجري نقف وجهاً لوجه مع حدث الهجرة المباركة ... وقفة لا تشبه وقفاتنا أمام منظر جميل نسر به أو صورة حسنة نطالع إبداعات رسامها أو لمسات خطاطها السحرية ، هي وقفة في محراب هذا الحدث وبين يدي هذه الذكرى العظيمة متأملين ومعتبرين ومحللين ... وقفة قد تنهض بنا بعد كبوة وتوقظ الوسنان بعد سبات عميق .
فى بداية كل عام هجرى جديد، نحتاج إلى نوع تأمل وتدبر لحكمة توالى الأيام والليالى والشهور، فنحن أمة تضبط أيامها وكل تاريخها بهجرة الرسول عليه الصلاة والسلام،
هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم معين دروس لاينضب بل يزداد مع مرور السنين والقرون تدفقاً يروي بهداه ظمأ الظامئين فيجدد في قلوبهم الآمال ويملؤها جداً واجتهاداً في بلوغ الأهداف العظمى رغم وعورة الطريق وخطورة المسالك وترصد الأعداء .
طريق هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من قباء إلى المدينة المنورة
لم يكن اختيار الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الهجرة بدءًا لكتابة التاريخ عند المسلمين إلا للآثار الكبيرة التي نتجت عنها ، ليس في حياة فرد أو أفراد وحسب بل في مستقبل شعوب وأمم ؛ فقد نتج عنها ميلاد أول مجتمع إسلامي
الاحتفال بيوم هجرته صلى الله عليه وآله وسلم هو مثل الاحتفال بيوم مولده في المشروعية، بل هو أقوى؛ مشابهة ليوم عاشوراء في أنه يوم نجى الله فيه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من مكر الذين كفروا،