رحلته إلى لبنان :

سافر الشيخ عدة مرات إلى لبنان ، بيروت وطرابلس وبعلبك ، وأمضى مرة مدة شهر في مدينة سير اللبنانية الصغيرة الواقعة بقرب طرابلس ، والتقى بعدد كبير من إخوانه في لبنان ، وكان يرافقه في سير كل من فوزي شمسي وأبي عمر الدباغ وأحمد الصغير أما في زيارته إلى بيروت فكان يرافقه الحاج محمود مهاوش العراقي ومحمود الناشد وفوزي شمسي ، وأمضى بضعة أيام في مدينة ( حمّانا ) وزار مدينة بعلبك بآثارها التاريخية .
إلى تركيا:

وزار تركيا عدة مرات وأمضى عدة أيام في مدينة استانبول وكان الحاج عمر الططري يتولى مهمة شرح المعالم الإسلامية في هذه المدينة نظراً لصلاته الأسرية بتركيا ، وكان يشيد بالروح الإسلامية لدى الشعب التركي وبعظمة تاريخ الإسلام في تلك البلاد ، كما زار مدينة انطاكية والاسكندرون ، وتركت هذه الزيارة في نفسه أطيب الأثر ، لما وجده لدى الأتراك من تعلق صادق بالإسلام وتمسك بالقيم السلوكية الإسلامية واعتزاز واضح بالعلماء وإقامة مجالس الذكر وتمسك بآداب الشريعة .
زيارته القدس :

زار الشيخ مدينة القدس عام 1954 عقب المؤتمر الإسلامي الكبير الذي عقد في دمشق وحضرته شخصيات إسلامية كبيرة ، وبعد المؤتمر زار المشاركون في المؤتمر مدينة عمّان وكانت ما زالت صغيرة ، ثم زار القدس والمسجد الأقصى وقبة الصخرة ، وكانت هذه الزيارة من الزيارات التاريخية التي كان يذكرها ، والتقى أثناء هذه الزيارة بشخصيات إسلامية كبيرة من أمثال أبي الحسن الندوي وأبي الأعلى المودودي ، وكبار علماء دمشق والأردن ومصر والعراق وفي طريق عودته زار المخيمات الفلسطينية وبعض المؤسسات التي تضم الأطفال اليتامى من أبناء الشهداء ، وكان شديد التأثر لما رآه من مآس إنسانية يعاني منها الشعب الفلسطيني المطرود من دياره ، وانهمرت الدموع من عينيه وهو يسمع مآسي المذابح التي قام بها الجيش الإسرائيلي ويرى آثار النكبة على وجوه الفلسطينين .
من كتاب الشيخ محمد النبهان للدكتور محمد فاروق النبهان
وذكر الشيخ هشام الألوسي عن هذه الرحلة فقال :
كان رضي الله عنه يحب الأتراك ويسمّيهم أهل الأدب، قال رضي الله عنه: ( الأدب في تركيا، العقيدة في العراق ومصر، الإسلام في سوريّا، )
حدّثنا الشيخ عمر الملاّ حفجي، والحاج عمر ططري التركي رفيقاه رضي الله عنه في السفر قال: كنا نقول له: سيدي، انظر هذا الجمال الطبيعي والعيون والجبال والأشجار، فلا يلتفت ويقول: حبيبـي محمّد رسول الله { مَاْ زَاْغَ الْبَصَرُ وَمَاْ طَغَىْ } [النجم 17]. وتلك إشارة منه رضي الله عنه لأصحابه لئلاّ ينشغلوا بالصنعة عن الصانع وبالصور عن المصوِّر، أما هو فلا يشهد غير مولاه عزّ وجل ,في قصر الخلافة ( يلطز ) رحّب به محافظ استانبول ولدى دخوله القصر، طلب منه أن يجلس على كرسيّ الخلافة وقال المحافظ: أحقّ الناس بالجلوس على هذا الكرسيّ هو أنت, وأخرجت له جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض آثاره..
ورافقه في جولته هذه شيخ الإسلام في أنقرة الشيخ إبراهيم بك ..حدّثنا الحاج عمر ططري التركي بحلب قال: لدى زيارته رضي الله عنه لأحد المساجد ليلاً أسرع الخادم إلى المصابيح فأطفأها وقال: من عنده هذا النور لن يحتاج إلى الكهرباء! . تلك بعض أخباره هناك, وفي كل مدينة ينـزل يقيم الدروس والأذكار، وبعد أن أمضى شهرين في تركيا رجع إلى حلب .
أما زيارته الثانية رضي الله عنه
فمعاينة لطبيب في مدينة ( أضنة ) قال له الطبيب بعدأن فحص أسنانه: أنت تمضغ كثيرا، أنت لا تمرض، ثمّ قال له: لا يوجد فيك مرض لأن جسمك نظيف وقلبك نظيف! وأي طبيب يقول لك: أنت مريض، فليس بطبيب..ووافق زيارته رضي الله عنه هطول أمطار غزيرة على تركيا بعد انقطاع طويل, ودعاه الحاج أحمد الناصر أخو الحاج ناصر عبد الحميد الناصر الحلبي إلى بيته هناك، فجاء الحاج أحمد في اليوم التالي وقد أعد ضيافة محملة بسيارة تكفي لشهر، ففوجئ باعتذار سيدنا! فقال: سيدي، أنت وعدتني،قال رضي الله عنه: ( نعم، ولكنني أعتذر، فألح الرجل، فقال سيدنا للحاج محمود الناشد: أسحب بنا إلى حلب)، فقال الناشد: سيدي، أمس جئنا؟ قال رضي الله عنه: ( هناك من أهل الصدق من ينتظرنا)، فلم يبقَ رضي الله عنه إلا ليلة واحدة بعد أن كان ينوي البقاء فيها شهرين! ولما وصل رضي الله عنه الكلتاوية، وجد الشيخ يوسف سيدي رئيس جماعة مدارس تحفيظ القرآن الكريم للعالم الإسلامي قد قدم من الهند لزيارته.. فإذا بالشيخ الهندي يفاجأ! ويقول: كيف جئت يا سيدي؟ فأجابه رضي الله عنه : صدقك جاء بنا! . وكان الشيخ الهندي حين حضر ولم يجد سيدنا قال له أصحابه: لا ندري متى يعود رضي الله عنه، ولا نظنّه يأتي قريبا، فوقف ورفع بصره إلى السماء وقال: يا رب، أنا جئت أريد أن أرى الشيخ النّبهان، ولا أستطيع البقاء أكثر من يومين، فإذا بسيدنا رضي الله عنه يرجع فجأة.