إني لا أنكر وجود الفضيلة ، ولكني أجهل مكانها ، فقد عقد رياء الناس أمام عيني سحابة سوداء أظلم لها بصري ، حتى ما أجد في صفحة السماء نجما لامعاً ، ولا كوكباً طالعاً . كل الناس يدعي الفضيلة ، وينتحلها ، وكلهم يلبس لِباسها ، ويرتدي رداءها ، ويُعِدُّ لها عدتها من منظر يستهوي الأذكياء والأغنياء ، ومظهر يخدع أسوأ الناس ظنا . فمن لي بالوصول إليها في هذا الظلام الحالك ، والليل الأليل
ربَّما يتبادرُ إلى الذِّهنِ أن القضيةَ التي عرضنا لها من قبلُ , وما يحياه طالب العلم من تفاوت بل وتناقض بين أسلوبي الحياة (المثالي الذي ربِّي عليه ، والواقعي الذي يفاجأ به ) ربما يظنُّ ظانٌّ أنه لا حل لهذه الإشكالية إلا بإصلاح المجتمع برمته ,والقضاء على جميع مظاهر الفساد الفاشية بين عشية وضحاها
ههنا كان صلوات الله عليه يتعبد وههنا كان يبيبت وههنا اتصل وحي السماء بإنسان الأرض ، وهاهنا التقى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ههنا سحب العز أذياله ، وههنا شيد المجد بنيانه وههنا ضرب الإسلام بجرانه
فأي سر ذاك الذي لأجله تم اختيار هذا الجبل الرفيع الذرى لتلقي أولى كلمات السماء ونداء الله لأهل الأرض ؟
كما تطوف الكواكب المنيرة حول مجرتها كان روحه الشفاف يطوف حول الكلتاوية ، والشوق قد استولى على ذلك القلب المروّع ، ولو يستطيع للثم ذلك الترب وتلك الحجارة ؛ وهل عليه من بأس أو ريبة ؟؟
مامن حياة سعيدة ... متلفعة بثوب الإلتزام والنظام إلا وتكون في بقعة وبيئة ساعدت على تمام ذلك المظهر كذا ونحن في هذه الأرض .... ( في دار نهضة العلوم الشرعية )
كم علي أن أخاف حتى ألتقي بك ، كم علي أن أضيع حتى يجتمع شملي معك ، هل سمعت برجل يمشي بلاروح ، ويشرب بلا ارتواء ويأكل بلا شبع وينام دون أن يهجع وينظر دون أن يبصر،
ها أنا أصعد تلك التلة مرة أخرى ولكنني هذه المرة أجر معي كل هموم الدنيا وكأنني ذلك الشيخ الهرم الذي يجر الكرة الأرضية وراءه وقد شدها بحبل ،
صورة كنا نراها أيام الطفولة في بعض المحلات التجارية لكنها أصبحت حقيقة اليوم
لها علينا عتاب وأي عتاب، وشكوى مرة لهجر الصحاب، فقد طال مكثها وانتظارها، بعد أن قر تحت غبار النسيان قرارها، تلتفت حائرة هنا وهناك ، فلا ترى عبّادا في محرابها ولا نسّاكْ ..
ربما الإنسان من قراءاته الفكرية والفلسفية يقسو قلبه فتأتيه لحظات حنين لتلك اللحظات الجميلة وهو يناجي قلبه ويعود بعقله إلى رحاب الحبيب المصطفى بذله منكسراً :
كما يمضي الحلم الجميل تنتعش فيه الروح بعيدة عن متاعب الحياة متعالية على سفاسفها مضت سنوات ست كانت تمشي بنا سراعاً ، يتعاقب فيها الليل والنهار ، وتعمل فيها الأيام عملها في نظام ظاهره لا جديد فيه
كان سيدنا النبهان رضي الله عنه نجماً إنسانياً عظيماً وكانت همته تساير الشمس في عليائها والأفلاك في سمائها ، بل كان رضي الله عنه قطب المعرفة اليتيم الأوحد الذي دارت النيرات في فلكه ، وغمرها بنور فياض من سنا لالائه ، وأنت من ذلك النجم الإنساني في عجب لا ينقضي ،