أيها الفلسطينيون

بقلم المفكر الدكتور محمد فاروق النبهان
أيها الفلسطينيون لقد غدر بكم الغادرون من يهود فلسطين , وتآمروا مع يهود العالم على أرضكم ووقف البريطانيون أعداء العرب والمسلمين الذين خدعوا العرب وكذبوا وأخلفوا الوعود واستعمروا الأرض ووزعوا الغنائم , وأعطوا الشرعية لليهود بإنشاءٍ وطن قومي لهم بوعد وزير خارجيتهم بلفور, ودافعتم أيها الفلسطينيون من مسلمين ومسيحيين عن وطنكم وقاتلتم واستشهد الكثير من أبنائكم, وأقيمت دولة إسرائيل على أرضكم , وطردتكم من بلادكم, وأقيمت لكم مخيمات في البلاد المجاورة لكي تسكنوا فيها, وكنتم تعاملون كلاجئين مستضعفين أوَوا إلى بلاد إخوانهم وأشقائهم وظننتم أنكم ستعودون قريبا وما عدتم , ويجري التفاوض على إلغاء حق العودة وتوطينكم في بلاد غير بلادكم . ما أقسى ما تعانون وما أقسى غربتكم الدائمة في مجتمعات نائيةٍ فقيرة حزينة لا يعترف لكم فيها بحق إلا بمقدار، وعليكم التزام أدب اللجوء وهو الصمت والصبر والضعف وأحياناً الطاعة والنفاق والتملق .
أيها الفلسطينيون كل شعوب العالم تعرف الظلم الذي ألحق بكم ولكن لا أحد يضحي لأجلكم إلا بمقدار ما تضحون أنتم بأنفسكم لقضيتكم, ولا أحد سيقاتل عنكم إلا بمقدار ما تقاتلون ولا أحد يناصر شعباً مظلوماً إذا نام المظلوم عن حقه واستسلم لظالمه، وفاوضوا عن أنفسكم ولا تفوضوا أحداً لكي يفاوض عنكم ووحدوا صفوفكم ولا تتفرقوا ، ولا تركنوا للذين ظلموا وخانوا واستسلموا من أبناء وطنكم, وأخرجوهم من صفوفكم لكي لا يفرقوها و ينشروا من الأفكار ما يضرّكم, ولا تعطوا السلام لقاء جزء من وطنكم فإن فعلتم فقد فرّطتم فيما اؤتمنتم عليه من أرضكم ,ولا تظهروا الضعف وإن كنتم ضعفاء، ولير فيكم عدوكم الشجاعة والتضحية والاستعداد للشهادة , وارفعوا شعار المقاومة ولا تسقطوا هذا الشعار أبداً ما دامت أرضكم محتلة وشعبكم مشرداً ومتجاهلاً ومستذلاً ,ولا تفرطوا في أيّ حق من حقوقكم وأقيموا مخيمات المجاهدين وليس اللاجئين ومخيمات العائدين وليس مخيمات النازحين على حدود أرضكم المحتلة وارفعوا عليها شعارات هذه أرضنا ..سنعود إلى بيوتنا ..وافتحوا الطريق لنا.. بيتي ينتظرني ..وهذه الشعارات تخيف وترعب لأنها تؤكد لعدوكم أنكم عائدون حتماً ولن تنسوا أرضكم ، فإن لم تعودوا فأبناؤكم وأحفادكم سيعودون ولا تثقوا بأي تفاوض وأي وسيط يدعوكم للتنازل, ولا تقبلوا بأي سلام لا يعيدكم لأرضكم , والقدس لكم ولنا ولكل الأجيال التي ستأتي بعدنا فلا تفرطوا فيها , وجاهدوا في سبيل الدّفاع عن حقوقكم وهذا أشرف جهاد ولا حدود لحق المظلوم في الدفاع عن حقه ولا تعتدوا ولا تظلموا ولا تقتلوا بريئاً إلاّ في حالة الدّفاع , وأخيفوا عدوكم بوحدة كلمتكم وإخلاصكم في جهادكم وبأيمانكم بحقكم.. وقدموا للعالم النموذج الأخلاقي للمجاهدين الملتزمين بقيم الشرف والصدق واحترام القيم الإنسانية وابتعدوا عن سلوكيّات الترف والفساد,، ولا تبحثوا عن السلطة والزعامة وكونوا موطن احترام العالم بكم , ولا تخيفوا الشعوب الأخرى بسلوكيّات خاطئة متهورة تضركم ولا تنفعكم , وتشوه نضالكم وتعبئ العالم ضدكم، واختاروا لقيادتكم من تثقون بحكمته ووطنيته وكفاءته ولا تبيعوا قضيتكم بالمساعدات المشروطة المذلة ولا تدخلوا في خلافات لا تعنيكم ، ولا تهددوا الدول التي تستضيفكم في استقرارها ولا في أمورها الداخلية, ولا تسمحوا لبندقيتكم أن تكون لغير فلسطين وتحالفوا مع من تثقون به من الدول والشعوب العربية والإسلامية والعالمية واختاروا لتمثيلكم من يعبر عن إرادتكم واشرحوا قضيتكم للعالم كله , ودعوا العالم يحترمكم ويثق بكم وربّوا أبناءكم على حب فلسطين وسلحوهم بالعلم والمهارات والقدرات فهذا أفضل لكم ولمستقبلكم.