آخر المواضيع
اخترنا لكم




  الرئيسية    أتباعه وإخوانه    إخوان الشيخ النبهان وآداب السلوك
منهج السيد النبهان فى تربية أصحابه



مرات القراءة:2665    
أرسل إلى صديق
أبلغ عن مشكلة في هذه المادة

 منهج السيد النبهان فى تربية أصحابه


بقلم الدكتور محمد فاروق النبهان

 

كان السيد النبهان طيب الله ثراه يكره الجدل في قضايا العقيدة، ويذم منهج علماء الكلام والفلاسفة في الاستدلال، وذلك لأن الجدل يولد العداوة والبغضاء ويثير الأحقاد، ويجب على المسلم أن يبحث عن الحق، وأن يلتزم به، وأن يكون كناشد ضالة أينما وجدها أمسك بيدها، والتزم بمضمونها، وعاد إلى الحق والصواب.

والجدل لا يفيد، وهو دليل غفلة، ومن واجب المسلم الإعراض عن الجدل وعدم الخوض فيه، لأنه أمر مذموم، ويولد الشبهات في النفس، ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور، ومن استنار قلبه ابتعد عن الجدل لا سيما في مسائل العقيدة.

كان الشيخ يفرق بين الفقه في الدين والفقه في أحكام الدين، فالفقه في الدين هو فهم حقيقته، وهذه الحقيقة تدرك بالفطرة الطاهرة التي لم تلوث، وهؤلاء لا يجادلون في الله، لأن الله تعالى أنار قلوبهم فاستنارت عقولهم واطمأنت والذين يجادلون في الله بغير حق يتبعون أهواءهم، وجعلوا هذه الأهواء هي ما يعبدون من دون الله.

لم يكن الشيخ يحب الجدل في مجالسه أو بين إخوانه، ويعرض عمن يحب الجدل، ويعتبر الجدل من أنواع العلم المذموم الذي يضر صاحبه ولا يفيده، ويدعو إلى الالتزام بالسنة وبمنهج السلف الصالح في العقائد، وعدم الخوض في الخلافات ويدعو إلى تنزيه اللسان عن الحوار والجدل في الخلافات التي نشأت بين الصحابة بشأن الخلافة وكذلك الانقسامات الطائفية والمذهبية.

كان يحب أهل البيت وأئمة أهل البيت ويعدّهم قدوة لغيرهم إلا أنه لم يتحدث عن الخلافات بين المذهب السني والمذهب الشيعي، كما أنه لم يتعصب قط للمذهب الشافعي الذي كان يأخذ بآرائه الفقهية، ولم يميز بينه وبين المذاهب الأخرى في المكانة والاعتبار.

وأهم ما كان يكرهه الاستكبار عن سماع كلمة الحق، والإصرار على الرأي من غير نظر، ويعتبر ذلك من الجهل المطبق الذي يمنع صاحبه من الرضوخ للحق، فالحق أحق أن يتبع أينما كان، وهذا دليل على قوة شخصية صاحبه، فالعودة إلى الحق فضيلة، والإصرار على الباطل رذيلة.

 

ويحذر أصحابه من العصبية والتعصب الأعمى ولو فيما بينهم، فلا عصبية مناصرة على الباطل ويتمثل حق الأخ على أخيه والصديق على صديقه أن تنصره على نفسه إذا كان مخطئاً، وأن تحضه على الرضوخ للحق، وأن تبين له فساد رأيه، فإذا ناصرته على الباطل فقد خنت الأمانة، ومن حق الأخ على أخيه أن يساعده على التزام الحق.

كان يحب البيان وليس الجدال، فالبيان يعلم ويذكر ويشرح القلوب للحق والجدال يثير العداوة والبغضاء والشحناء، لأنه يعتمد على الرغبة في التغلب على الخصم وإحراجه، وهذا دليل على ظلمة القلوب وغفلتها، ويجب على الإنسان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

ولم يتدخل الشيخ في خصوصيات أصحابه، واختياراتهم الفكرية والمذهبية، كان يحترم التنوع في الأفكار والثقافات والسلوكيات، ومن اليسير أن تجد في مجلسه المتشدد والمتزمت والمتعصب، وأن تجد المتساهل والمتفتح والمتسامح، ولم يفضل منهجاً على آخر وإنما يفضل من كان أكثر صدقاً واستقامة، فالأكثر عبادة لا يعني أنه الأكثر تقوى عند الله، والأكثر تزمتاً لا يعني أنه الأقرب إلى الله، والملازم لمجالس الشيخ لا يعني أنه الأحب إليه من البعيد الذي لا يحضر مجالسه، وكان يقول: الأقرب إلينا من كان معنا بقلبه.