آخر المواضيع
اخترنا لكم




  الرئيسية    الأسرة المسلمـــة   مقالات وأبحاث
التلفزيون بين الأمس واليوم



مرات القراءة:2737    
أرسل إلى صديق
أبلغ عن مشكلة في هذه المادة

  ذكريات الأيام..التلفزيون بين الأمس واليوم

بقلم الدكتور محمد فاروق النبهان

نشره بتاريخ 3 سبتمبر 2013

 

في منتصف القرن الماضي كانت معظم الأسر المحافظة في سوريا وفي حلب بصورة خاصة لا تدخل الهاتف إلى البيوت وإذا اضطرت إليه فقلما كانت النساء ترد عليه أوتستعمله إلا في حالات خاصة ..

وكانت الراديو تستعمل للأغاني في الغالب ولذلك كانت الأسر المتدينة لا تدخل الراديو إلى البيوت.وكانت السينما تعتبر شيئاً مذموماً وقلما تذهب إليها النساء المحافظات , ومعظم النساء لم يدخلن السينما قط ولم يرين الأفلام ..كانت الأفلام هابطة في موضوعها وإخراجها وهي مليئة بالمشاهد المسيئة للأخلاق ..كنت في سن العشرين ولم أدخل السينما ولا أعرف ماذا يجرى فيها , ولم نكن نسمع الأغاني ولا توجد راديو في بيتنا

..كانت كلمة الفن شيئاً سيئاً في أذهاننا ..

عندما ظهر التلفزيون كانت الأفلام هي المادة الأهم في برامجه اليومية ..انتقلت الأفلام من السينما إلى البيوت فجأة عن طريق التلفزيون ..وقع اهتزاز كبير في المجتمع ..لأول مرة أصبحت الأسرة المحافظة ترى كل شيء في الأفلام..المشاهد مؤذية ومخجلة..كيف يمكن لشاب أو لفتاة أن ترى كل ذلك بحضور والديها ..معظم الأسر المحافظة ولولم تكن متدينة امتنعت عن اقتناء التلفزيون في بيوتها ..كانت الفتيات يذهبن إلى بيوت الجيران لرؤية الأفلام أو المسلسلات ..لم تكن أسرتها تعلم شيئاً..وهذا أسوأ وأشد ضرراً..

 

كان السيد النبهان طيب الله ثراه يكره التلفزيون ولا يحب أن يراه ، ونسب إليه من الأقوال ما يعبر عن كراهيته لما يعرض في التلفزيون من برامج مسيئة للأخلاق والدين..ليس المذموم هو الجهاز , وإنما المذموم هو البرنامج السيء فيه.. وما زال الحكم باقياً فالبرنامج السيء هو سيء حيثما كان في تلفزيون أو أي جهاز عرض, وكان السيد النبهان محقاً في كراهيته لما يعرض في التلفزيون في تلك الفترة ..اليوم ما يعرض في أجهزة الكمبيوتر أشد خطورة وتجاوز كل الحدود وبدون رقابة وأصبح التلفزيون أداة إعلامية للخبر و الثقافة الدينية وغير الدينية ، والأخلاقية وغير الاخلاقية ، وبغير حدود ,وكل النشاطات السياسية والعامة 

نحتاج اليوم إلى ثقافة تحصينية تعلم المواطن أن يختار ما ينفعه.. لم يعد بالإمكان إيقاف الإعلام بوسائله المستجدة..ثقافة التحصين هي ثقافة الإنسان في حماية ذاته من خطر الإعلام على قيمه .. يجب أن نرتقي بمفهومنا للتربية لكي نخاطب جيلنا بثقافة عصره وأن نرتقي بمستوى إعلامنا إلى الأفضل المفيد الملتزم الهادف .. ليس بإمكاننا أن ننعزل عن مجتمعنا وإنما بإمكاننا أن نكون متميزين بحسن اختيارنا لبرامجنا الإعلامية والتربوية والترفيهية وعمق فهمنا للقيم الإسلامية الأصيلة..

هذا هو طريقنا لحماية شبابنا من أخطار الإعلام المفتوح الذي اخترق كل الأبواب المغلقة , وأصبح يخاطب جيلنا من غير أن نتمكن من التحكم فيه..