آخر المواضيع
اخترنا لكم




  الرئيسية    دعوته وعلومه    أسس منهجية الشيخ التربوية
منهج تربوي متميز



مرات القراءة:2296    
أرسل إلى صديق
أبلغ عن مشكلة في هذه المادة

منهج تربوي متميز

بقلم الدكتور محمد فاروق النبهان

أهم صفة تعلمتها من السيد النبهان طيب الله ثراه أنه كان أبعد الناس عن التعصب الجاهل . كنت أرى كل الآخرين لديه سواء لا يتميز أحد عن أحد في مجلسه , ولم أسمعه يوماً يتحدث بمنطق التعصب . كان الإنسان في نظره هو الإنسان ، ويجب أن يعامل بصفته الانسانية . لم أره قط يشعر المذنب بذنبه ولا الجاهل بجهله ولا المنافق بنفاقه ولا المقصر بتقصيره . كنت أرى في مجلسه أصنافاً من الناس : بعضهم كنت أعرفه جيداً بانحرافه وضلاله , وبعضهم كنت أعرفه منافقاً وحاقداً وحاسداً ومبغضاً وناقداً , ولكنني لم أشعر قط أنه كان يشعر أي أحد بما هو فيه وكأنه لا يعلم عنه شيئاً , مع أنني كنت واثقاً أنه كان يعلم عنهم أكثر مما يعلمه الجميع , ولم يستفسر عن سلوك أحد ولم يتتبع أخبار أحد من الناس , لم أسمع منه كلمة سوء بحق أحد مهما كان سيئاً , لم تكن مهمته تتبع أخبار الآخرين من إخوانه أو من غيرهم . ما زلت أذكر شاباً مسيحياً جاءه من لبنان وقال له : إنني دخلت في الاسلام , وسماه محمد المهتدى واستمر هذا الشاب في خدمة السيد مدة سنتين , وكان يعد الشاي ويقدمه لضيوف الكلتاوية , ولم يسأله أحد في الكلتاوية عن إسلامه وحياته . لعل بعض إخوان الكلتاوية يذكرون هذ الشاب الذي استأذن بأدب من السيد أن يسافر وسافر وانقطعت أخباره . وما رأيته قط يغلق بابه أمام أحد من المذنبين والغافلين والمفرطين .

 كنت أعرف رجالاً كانوا رموزاً سيئة في سمعتهم ولكن السيد لم يشعرهم بشيء وكأنه لا شيء . رأيت الكثير من المواقف التي ما زلت أذكرها عن احترام الإنسان مهما كان . لم أسمعه يوماً يتكلم بلغة التعصب الديني أو القومي أو الطائفي أو المذهبي , ولا بلغة الصوفي في مقاومة السلفية .  كان لا يحب مناقشة القضايا الخلافية ولا الجدل ولا يحب الخوض في اتهام الآخرين .  كنت أرى في مجلسه كل أصناف الرجال . لا أحد كان أقرب اليه من الآخر.  كان جامعاً للقلوب وليس مفرقاً ، ومحبباً الناس بالدين وليس منفراً , ولم أكن أجد المبالغات ولا الشطحات ولا الانزلاقات ولا مجالس الغفلة و المواجيد المفتعلة والأحوال المتكلفة في اهتماماته .

 كان منهجه مستمداً من الطاعة لله والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يحب أن ينسب إلى طريقة صوفية أو يقلد أحداً في أذكاره , ما قام الدليل عليه أخذ به وما لا دليل عليه تركه  من غير انكار على من أخذ به إلا أن يكون مما وقع النهي عنه .

 ولما سئل عن طريقته قال : طريقتي محمدية ولا أقلد أحداً غيره , وما دام النبع الاصيل يتجدد ماؤه ويستمر عطاؤه فلا مبرر لاتباع منهج آخر , النبع الاصيل هو أولى وأصفى وأنقى , فلا يعدل عنه إلى غيره .

ما زلت أذكر هذ المنهج التربوي الاصيل الذى كنت أرقبه باهتمام , واليوم أتامل فيه وأستعيد أحداثه وذكرياته..