آخر المواضيع
اخترنا لكم




  الرئيسية    العالم الإسلامي   التاريخ الإسلامي والمناقب
أهل البيت رضوان الله عليهم



مرات القراءة:3508    
أرسل إلى صديق
أبلغ عن مشكلة في هذه المادة

أهل البيت "رضوان الله عليهم"

 


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أما بعد :

تعريف أهل البيت :

قال ابن منظور صاحب لسان العرب: أهل البيت سكانه، وأهل الرجل أخص الناس، وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وبناته وصهره، أعني علياً عليه السلام، وقيل : نساء النبي والرجال الذين هم آله.

وقال الراغب الأصفهاني: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وولد. وآل الرجل هم أزواجه وذريته وأقرباؤه كما ذكر أهل اللغة. قال تبارك وتعالى حكايةً عن امرأة العزيز أنها قالت لزوجها : (مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً)(يوسف: من الآية25) تريد نفسها. وقال عن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه وزوجته: (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (هود: من الآية73).

أما الأهل والآل في الاصطلاح فعلى أربعة أقوال مشهورة عند المفسرين والمحدثين والفقهاء :

القول الأول : إن الآل هم الأزواج والذرية.

واستدل القائلون بهذا على ذلك أولاً بآية التطهير التي ذكرت نساء النبي صلى الله عليه وسلم كما في قول الله تبارك وتعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً) "الأحزاب/32-34". فالآيات في أولها تتكلم عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك في آخرها عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لهن في وسط هذه الآية (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(الأحزاب: من الآية33)، وهنا لا مدخل ولا كلام لمن قال بأن الآل أو الأهل هنا هم غير نساء النبي صلى الله عليه وسلم، لأن هذا يخالف سياق الآية، فالآية ابتدأت بالنساء وختمت بالكلام عن النساء.

وأما قول من يقول: فلمَ أعرض عن نون النسوة وجاء بدلها بميم الجمع في قوله (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ) ؟

والجواب هو: أن الأوامر في البداية هي للنساء خاصة، ثم جاء بميم الجمع لدخول رجل مع النساء وهو النبي صلى الله عليه وسلم فهو سيد البيت – صلوات الله وسلامه عليه.
الدليل الثاني: التشهد، وذلك أننا نقول في تشهدنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وجاء في بعض صيغ التشهد عند البخاري تفسير الآل في قوله : اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، فهذه الصيغة هي تفسير لقوله: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فحذفت الآل، وجاء بدلها بالأزواج والذرية.

والدليل الثالث: جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما شبع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبر بُرّ). "أخرجه الإمامان البخاري ومسلم". وقول عائشة ما شبع آل رسول الله تريد نفسها وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي هن تبع له شرعاً.


القول الثاني : هم من حرمت عليهم الزكاة : وفيمن حرمت عليهم الزكاة قولان :

1)- أن الذين حرمت عليهم الزكاة : بنو هاشم وبنو المطلب، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يرجع نسبه إلى هاشم، فهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم.

2)- أن الذين حرمت عليهم الزكاة بنو هاشم فقط:


وأما الدليل على أن هؤلاء هم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي). فقيل لزيد: من أهل بيته ؟ قال: أهل بيته من حرم الصدقة. وهم آل علي وآل عقيل وآل العباس وآل جعفر. فعد هؤلاء الأربعة – أي أقارب النبي – صلى الله عليه وسلم "أخرجه مسلم".

وكذلك استدلوا بحديث الحسن بن علي رضي الله عنه أنه أخذ تمرة من الصدقة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" متفق عليه.

القول الثالث : أن آل النبي صلى الله عليه وسلم جميع أمة الاستجابة :

يعني كل مسلم يعتبر من آل النبي – صلى الله عليه وسلم – أي من أتباعه، فآل الرجل أتباعه، فكل من تبع رجلاً صار من آله، كما قال الله تبارك وتعالى: (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (غافر: من الآية46).أي فرعون ومن تبعه على دينه وكفره والعياذ بالله، ولذلك لما جاء أبرهة الحبشي ليهدم الكعبة قال عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم أبياتاً من الشعر منها :

 

لاهُـمّ إن العبـد يمنع رحــله فامـنعْ رحالكْ

لا يغـلبن صلـيبهم ومحالـهم غدواً محـالكْ

وانصر على آل الصليــب وعابديه اليوم آلكْ

 

القول الرابع : أن آل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهما دون غيرهما :

واستدل القائلون بهذا بحديث الكساء، روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه علي بن أبي طالب فأدخله تحت كسائه (عباءته)، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم جلَّلهم (أي غطّاهم) ثم قرأ : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب: من الآية33) "أخرجه مسلم"

فدل على أن هؤلاء أهل بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم.

واستدلوا كذلك بآية المباهلة وهي قوله تبارك وتعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (آل عمران:61) فقالوا : دعا النبي صلى الله عليه وسلم أقرب الناس إليه وهم آله، فكانواً علياً وفاطمة والحسن والحسين "أخرجه البخاري ومسلم".
والصحيح من هذه الأقوال أن آل النبي صلى الله عليه وسلم هم من حرم الصدقة، والذين تحرم عليهم الصدقة هم بنو هاشم فقط، أما بنو المطلب فالصحيح أنه لا تحرم عليهم الزكاة. والله أعلم.

وأما نساء النبي فهن من آل البيت بالتبعية لا بالأصالة، وذلك أنهن قبل اقترانهن بالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكنّ من آل البيت.

 

من هم بنو هاشم بن عبد مناف :


عبد مناف جد النبي صلى الله عليه وسلم، له أربعة من الولد كما ذكر أهل العلم، وهم هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل.

أما هاشم فله ولدان : عبدالمطلب الذي هو شيبة الحمد، وأسد وهو والد فاطمة أم علي بن أبي طالب، وله أولاد ذكور ولكن لا يذكر لهم ذرية والله أعلم.

أما عبدالمطلب فقد ذكر أهل التاريخ أن الله رزقه عشرة من الولد، وهم :

1) عبدالله : والد النبي صلى الله عليه وسلم، وليس له غير النبي صلى الله عليه وسلم.

2) حمزة : ولا عقب له ، ولا خلاف في إسلامه.

3) العباس : وهو أكثرهم ذرية، ولا خلاف في إسلامه، له ثمانية من الولد: عبدالله البحرالحبر، وعبيدالله، وعبدالرحمن، وكثير، وتمام، وقثم، ومعبد، والفضل وبه كان يكنى.
4) أبوطالب : وله أربعة من الولد : علي، وعقيل، وجعفر، وطالب الذي كان يكنى به. وقد اختلف في إسلام أبي طالب، والأكثر على أنه مات كافرا.

5) الزبير : ولم يعقب.

6) أبولهب : وأبو لهب اسمه عبدالعزى، له ثلاثة من الولد : عتبة، وعتيبة، ومعتب.
7) الحارث : وله أربعة من الولد : ربيعة، وعبدالله، وأميه، وأبوسفيان. وأبوسفيان بن الحارث هو الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك تاب وتابع النبي صلى الله عليه وسلم.

8) المقوم

9) الغيداق.

10) صفار. فهؤلاء ومن جاء بعدهم من الذرية كلهم آل النبي صلى الله عليه وسلم. أصل مبدأ تفضيل آل البيت :

ذكر الله سبحانه وتعالى أنه يصطفي من يشاء من البشر أفراداً كانوا أم جماعات، وهذه سنة الله في خلقه. قال سبحانه : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (آل عمران:33) وهذا الاصطفاء الرباني لبعض الخلق متعلق بتكريم الرسل والأنبياء المبعوثين من الله لهداية العباد. وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه اصطفاه من نسل قوم مختارين، روى الحاكم والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله اختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار).

فضل آل البيت ومكانتهم وموقف السلف الصالح والأئمة الأعلام منهم :

فضائل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم تقسم إلى قسمين :

فضائل عامة وفضائل خاصة.

أما الفضائل العامة لكافة أهل البيت، فمنها حديث زيد الذي رواه مسلم وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : (أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي) وهذا عام في كل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن فضائلهم ما جاء في آية النساء : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(الأحزاب: من الآية33) وذلك أن نساء النبي من آل البيت كما قدمنا، ودخل علي وفاطمة والحسن والحسين في هذا الفضل بحديث الكساء.
ومن فضائلهم حديث الصلاة عليهم في التشهد نقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وهذا لفضلهم ومكانتهم عند الله تبارك وتعالى.


وكذلك مما يدل على فضلهم حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم في حجه يوم عرفة : "تركت فيكم ما إن تمسكتم فيه فلن تضلوا بعده أبداً كتاب الله وعترتي" وفي رواية "عترتي أهل بيتي" رواه الترمذي وحسنه.


- قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ارقبوا محمد في أهل بيته. رواه البخاري في صحيحه. وقال رضي الله عنه : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليّ من أن أصل من قرابتي. أخرجه البخاري كذلك في صحيحه.

 

أما الفضائل الخاصة بأفراد أهل البيت رضوان الله عليهم:


- سيد آل البيت وأفضلهم علي بن أبي طالب رضي الله تبارك وتعالى عنه، وشهرته أكبر وأظهر من أن ننبه عليها، ويكفيه فخراً قول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق" متفق عليه.


وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد رضي الله عنها، وهو رابع الخلفاء الراشدين، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.


قال الحسن البصري: قتل أمير المؤمنين (يعني عثمان بن عفان رضي الله عنه) مظلوماً، فعمد الناس إلى خيرهم فبايعوه (يعني علياً بن أبي طالب). قال أحمد بن حنبل : من لم يُرَبّع بعلي (أي بعد أبي بكر وعمر وعثمان) فهو أضل من حمار أهله.


- عن شريك بن عبدالله وهو من أتباع التابعين قال : لو جاءني أبوبكر وعمر وعلي وسألني كل حاجته لقدمت حاجة علي لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر وعمر أفضل من علي عند الله، ولكن قرابة علي من النبي صلى الله عليه وسلم توجب تقديم حاجته على حاجة غيره.

- العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم له: "عم الرجل صنو أبيه" أي بمكانة أبيه. أخرجه الترمذي.


- أزواجه الأحد عشر اللاتي دخل بهن. وفيهن قول الله تبارك وتعالى عن المؤمنين كافة : (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)(الأحزاب: من الآية6) أي أمهات المؤمنين.


- فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنها. وفيها قول النبي صلى الله عليه وسلم لها: "فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها" متفق عليه ، وللنبي صلى الله عليه وسلم بنات أخريات وأبناء : رقية وزينب وأم كلثوم والقاسم وعبد الله وإبراهيم رضي الله عنهم أجمعين .


- الحسن بن علي : السبط السيد الإمام بن الإمام أبومحمد رضي الله عنه
- الحسين بن علي : الشهيد السعيد الإمام بن الإمام أبوعبدالله رضي الله عنه. وفيهما ورد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما : "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" أخرجه الترمذي وهو حديث صحيح.


قال مساور السعدي: رأيت أبا هريرة رضي الله عنه قائماً على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات الحسن رضي الله عنه يبكي، وينادي بأعلى صوته ويقول: يا أيها الناس مات اليوم حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فابكوا.


- عبدالله بن العباس رضي الله عنهما، وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين" رواه أحمد بإسناد صحيح.


- وقال الشعبي : صلى زيد بن أرقم على جنازة أمه ثم قربت إليه بغلة ليركبها، فجاء عبدالله بن عباس رضي الله عنهما فأخذ بركابه ـ أي يمسك ركاب البغلة لزيد بن ثابت رضي الله عنه، فقال له زيد: خلّ عنه يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبدالله بن عباس : هكذا نفعل بعلمائنا. فنزل زيد من على بغلته وقبّل يد عبدالله بن العباس وقال : هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- علي بن الحسين : ولقبه زين العابدين، قال ابن السعد : كان ثقة مأموناً كثير الحديث عالياً ورفيعاً ورعاً.

قال الزهري : ما رأيت قرشياً أفضل من علي بن الحسين. وقال يحيى بن سعيد : سمعت علي بن الحسين وكان أفضل هاشمي أدركته. وقال الذهبي : كان له جلالة عظيمة وحق له والله ذلك، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله. وقد حج هشام بن عبدالملك قبيل ولايته للخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر زحم عليه الناس، فإذا جاء علي بن الحسين ابتعد الناس عن الحجر حتى يأتي ويقبل ثم يكمل باقي الأشواط، فغضب هشام بن عبدالملك نائب الخليفة، وقال: من هذا فما أعرفه ؟ وكان بجانبه الشاعر الفرزدق، فارتجل قائلاً :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم *** هذا التقي النقي الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها *** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

هذا ابن فاطمة إن كنت تجهله *** بجده أنبياء الله قد ختموا

- محمد بن علي بن الحسين : وهو الذي يلقب بالباقر. قال الإمام الذهبي : شهر بالباقر من بَقَر العلم ( أي شقه ) فعرف أصله وخفيه. ولقد كان أبوجعفر – هذه كنيته – إماماً مجتهداً تالياً لكتاب الله كبير الشأن لا نحابيه ولا نحيف عليه، نُحبه في الله لما تجمّع فيه من صفات الكمال. وقال ابن كثير عنه: أحد أعلام هذه الأمة علماً وعملاً وسيادة وشرفاً.

- جعفر بن محمد : ويلقب بالصادق. قال الذهبي : الإمام الصادق شيخ بني هاشم أبوعبدالله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني أحد الأعلام. وقال أبو حاتم الرازي : لا يُسأل عن مثله.

- موسى بن جعفر : ويلقب بالكاظم. قال أبو حاتم الرازي : ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين. وقال ابن تيمية : مشهور بالعبادة والنسك. وقال ابن كثير : كان كثير العبادة والمروءة.
روي في فضله أن مالك بن أنس إمام دار الهجرة جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فجاء هارون الرشيد عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يفتخر على الناس، فقال مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم : السلام عليك يا ابن عم، لأنه من نسل العباس بن عبدالمطلب. فجاء موسى بن جعفر فقال مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم : السلام عليك يا أبت. فالتفت إليه هارون الرشيد وقال : هذا والله الفخر.

- علي بن موسى : ويلقب بالرضا.قال ابن حبان : من سادات أهل البيت وعقلائهم، وأجل الهاشمين ونبلائهم، وقال الذهبي : كان كبير الشأن أهلاً للخلافة.

- محمد بن علي بن موسى: ويلقب بالجواد. قال ابن تيمية : كان من أعيان بني هاشم وهو معروف بالسخاء والسؤدد ولهذا سمي بالجواد.

- المهدي الذي يظهر آخر الزمان، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "المهدي من عترتي من ولد فاطمة" وهذا رواه أبوداود وهو حديث صحيح.

فهذه بعض فضائلهم وأقوال السلف وأئمتنا الأعلام فيهم رضي الله عنهم وأرضاهم.

وما نقلناه هنا يبطل قول الجهلة والمغرضين الذين يقولون: إن أهل السنة لا يقومون بحق آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه فرية قديمة جديدة، وهي كما قال : شنشنة أعرفها من أخزم ... فهذه المكانة العالية لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بشكل عام عند أهل السنة والجماعة.

مصاهرات أهل البيت لعموم المسلمين من الصحابة والتابعين :

ومما يدل على محبة أهل السنة لآل البيت، ومحبة آل البيت لأهل السنة ما وقع بينهم وبين سائر الصحابة والتابعين من المصاهرات.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم: تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق، وهي من تيم. وتزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب، وهي من بني عدي. وتزوج أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وهي من بني أمية.

وزوّج ابنته رقية من عثمان بن عفان، وهو من بني أمية.فلما توفيت زوجّه أختها أم كلثوم. وزوّج ابنته زينب للعاص بن الربيع وهو من بني عبد شمس بن عبد مناف.

وهذا علي بن أبي طالب زوج ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب "الكافي 5/346". وتزوج علي أرملة أبي بكر الصديق أسماء بنت عميس. سير أعلام النبلاء. وتزوج علي أيضاً أمامة بنت العاص بن الربيع، بعد أن توفيت خالتها فاطمة.

أما محمد بن علي الحسين (الباقر) فتزوج أم فروة بنت القاسم بن محمد بن ابن أبي بكر الصديق، وكان ابنه الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (الصادق) يقول : ولدني أبوبكر مرتين. سير أعلام النبلاء "6/255". وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وجدته أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق.

وأبان بن عثمان بن عفان تزوج أم كلثوم بنت عبدالله بن جعفر بن أبي طالب. "الشيعة وأهل البيت 141".

وسكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام. "طبقات ابن سعد 5/183" وغير هذا كثير.

تسمية بعض أولاد أهل البيت : لقد سمى العديد من آل البيت أبناءهم بأسماء الخلفاء الراشدين محبةً لهم :

فلعلي بن أبي طالب من الأولاد : أبوبكر وعمر وعثمان. "كشف الغمة في معرفة الأئمة 2/67".
وللحسن بن علي من الأولاد : أبوبكر. "كشف الغمة 2/198".

ولعلي بن الحسن من الأولاد : عمر. "كشف الغمة 2/302".

ولموسى بن جعفر من الأولاد : عمر وعائشة "كشف الغمة 3/29".

بعض الأحكام التي تخص آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم :

1- تحريم الزكاة :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزكاة : (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد).
وهل تحرم الزكاة على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ؟ الذي ذهب إليه الإمام أحمد أنها تحرم على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولكن بالتبعية لا بالأصالة، لتبعيتهن للنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه أخرج البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مولى القوم من أنفسهم). فظاهر الحديث يدل على أن الصدقة لا تحل لبني هاشم ولا لمواليهم (أي عبيدهم) ومع هذا فهي تحل لموالي نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك مثل بريرة مولاة عائشة (تصدق عليها بلحم، فجاءت وأهدته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعائشة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذا ؟ قالت : تُصدق به على بريرة فأهدته لنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هو عليها صدقة ولنا هدية). فأكل منها صلوات الله وسلامه عليه، فلما أجاز التصدق عليها دل على أنها ليست من أهل البيت، ولا تتبع عائشة رضي الله عنها في تحريم الزكاة عليها.

2- الخمس من الغنيمة والفيء :

الغنيمة : الأموال التي تكون بعد القتال. والفيء : التي تغنم بدون قتال. والغنيمة تقسم خمسة أخماس، أربعة أخماس للجنود الذين شاركوا في القتال، وخمس يقسم خمسة أخماس : لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.

وذوي القربى هم قربى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يكون في الجهاد فقط.

3- لهم محبة خاصة وإكرام خاص لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الله تعالى : (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)(الشورى: من الآية23) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي.

4 ـ الاستشفاع والتوسل بهم في الملمات :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ ) رواه البخاري

قال ابن حجر رحمه الله : أخرج الزبير بن بكار في الأنساب بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال " اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث. فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس". وأخرج أيضاً من طريق داود عن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: " استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب " فذكر الحديث وفيه " فخطب الناس عمر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله" وفيه "فما برحوا حتى سقاهم الله ".

قال ابن حجر رحمه الله : ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه.‏


4- الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم منفردين:


الفقهاء في المذاهب الأربعة مجمعون على أنه لا يُصلّى على غير الأنبياء والملائكة إلا تَبَعاً، لكنهم اختلفوا في حكم الصلاة على الآل تَبَعاً: فأحد الرأيين عند الشافعية والحنابلة أن الصلاة على الآل في الصلاة واجبة، تبعاً للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستدلين بما روي من حديث كعب بن عجرة قال : (إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا، فقلنا : يا رسول الله، قد علمتنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم). فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه وعلى آله، والأمر يقتضي الوجوب.
والرواية الأخرى في المذهبين أنها سنة، وهو قول الحنفية، وأحد قولين للمالكية ، واستدلوا بحديث ابن مسعود : (أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد ثم قال إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد تمّت صلاتك). وفي لفظ : (فقد قضيت صلاتك فإن شئت أن تقوم فقم). والرأي الآخر عند المالكية أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والآل تبعاً فضيلة.

5- آل البيت والإمامة الكبرى والصغرى :

لم يشترط جمهور الفقهاء أن يكون إمام المسلمين (الخليفة) من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويستدلون على ذلك بأن الخلفاء أبابكر وعمر وعثمان لم يكونوا من أهل البيت، بل كانوا من قريش.

ومقتضى مراعاة شرف النسب في الإمامة الصغرى أنه إن استووا هم وغيرهم في الصفات الأخرى كالقراءة والهجرة قدموا باعتبارهم أشرف نسباً (الموسوعة الفقهية).

6- حكم سب آل البيت :

أجمع فقهاء المذاهب على أن من شتم أحداً من آله صلى الله عليه وسلم مثل مشاتمة الناس فإنه يضرب ضرباً شديداً وينكل به، ولكن لا يصير كافراً بالشتم (الموسوعة الفقهية).

7-الانتساب إلى آل البيت كذباً :


من انتسب كاذباً إلى آل النبي صلى الله عليه وسلم يُضرب ضرباً وجيعاً، ويحبس طويلاً حتى تظهر توبته، لأنه استخفاف بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الختام نسأل الله تبارك وتعالى أن يحشرنا في زمرة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته الكرام رضي الله تبارك وتعالى عنهم، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


إعداد : الشيخ يحيى مصطفى كمال الشيخ
المراجعة العلمية: الشيخ عبد الله نجيب سالم
الثلاثاء: 4 جمادى الأولى 1425
22/6/2004م