امريكا الجنوبية
( جويانا الفرنسية ، فنزويلا ، كولومبيا ، تشسلي ، باراجوي )
الشيخ عبد الله نجيب سالم

1- جويانا الفرنسية :
وهي جزء من أمريكا الجنوبية يقع في الشمال الشرقي منها بجوار البرازيل وسورينام وتعتبر إحدى المقاطعات الفرنسية عبر البحار حسب قرار الحكومة الفرنسية عام 1946 ، ويبلغ عدد سكانها بحدود 70 ألفا ومساحتها أصغر الجويانات الثلاث في أمريكا الجنوبية إذ لاتزيد على 97000 كيلو مترا مربعا وعاصمتها كايين.
ولقد كانت جويانا الفرنسية في الأصل منفى للمناضلين ضد الاحتلال الفرنسي في المستعمرات الفرنسية سابقا واستمرت كذلك حتى أغلق هذا السجن بعد الحرب العالمية الثانية 1946 وهذا ما يفسر لنا وجود مسلمين من أصل جزائري ومغربي وتونسي إذ كانت فرنسا تحتل المغرب العربي وتقوم بنفي المسجونين السياسيين من بلادهم إلى جويانا حتى قدر عدد هؤلاء المغاربة عام 1945 بـ 480 سجينا بينما كان جملة من أفرج عنه من المسلمين عربا أو غيرهم عندما ألغي المعتقل2500 سجينا فضلوا بعد الإفراج عنهم البقاء في البلاد وتزأوجوا من أهلها ... ومما يذكر أن السجناء المنفين حأول بعضهم الهرب إلى البرازيل المجأورة فنجح البعض ولكن كثيرا منهم مات أثناء هذه المحأولة التي كانت محفوفة بالمخاطر الكثيرة وقد نشرت بعض الصحف الفرنسية قصص هؤلاء المجاهدين الأبطال وأشادت بهم .
لكن مسلمي جويانا الفرنسية ليسوا فقط من أصل مغاربي بل من أصول أفريقية جلبتهم فرنسا أيام تجارة الرقيق حيث استعبدوا وأجبروا على قطع الصلة بدينهم وبلادهم وعاداتهم كما أن العصر الحديث شهد وصول هجرة عربية إلى جويانا الفرنسية حيث تذكر بعض المصادر أنه في النصف الأول من القرن الميلادي الحالي هاجر من لبنان وسوريا وفلسطين إلى جويانا الفرنسية أكثر من 4000فرد من هؤلاء المسلمين الممنوعين في أوطانهم سواء منهم من هاجر طواعية أو جلب قسرا تكونت الأقلية المسلمة بجويانا الفرنسية والتي يبلغ تعدادها اليوم قرابة ستة آلاف مسلم يعيشون في مدن كايان وكورو وسان لوران وهي المدن الرئيسية ويعملون في التجارة وهم نشطون محبوبون ومما يدل على ذلك أن بعض الأفارقة من سكان البلاد أسلم بجهودهم ونشاطهم .
وإذا كانت الأقلية المسلمة في جويانا الفرنسية نتيجة ظروف قاسية في ظل معتقل كايان قد فقدت روابطها اللغوية بلغتها العربية الأم واستبدلتها بالفرنسية لغة المقاطعة بل وأهملت تنظيم نفسها في إطار موحد يضمن لها مصالحها ويحقق آمالها فإنها ومنذ وقت قريب بدأت بتكوين صلات بينها وبين الأقلية المسلمة في سورينام فحضر وفد عنها المؤتمر الإسلامي الذي عقد في ترينداد وكان ذلك بداية اتصال مهم وضروري بالعالم الإسلامي طالبوا فيه بتوفير الأئمة لمساجدهم والمعلمين لابنائهم والاتصال الدائم والمستمر بهم .
2- فنزويـلا :
وهي من دول أمريكا الجنوبية تحدها من الجنوب البرازيل ومن الشرق جويانا ومن الغرب كولمبيا ومن الشمال البحر الكاريبى وعدد سكانها 15 مليون نسمة وعاصمتها كراكاس . ومعظم سكانها من المستيزو(وهم خليط من الهنود الحمر والأوربيين بينما باقيهم من الأسبان والهنود الحمر والزنوج والأوربيين ) .
وفي فنزويلا جالية إسلامية تزيد على 45 ألف مسلم معظمهم من بلاد سوريا ولبنان وفلسطين وقليل منهم من بلدان أمريكا الجنوبية والبحر الكاريبى خصوصا من ترنيداد .... وقد شهدت فنزويلا وصول المسلمين إليها كدفعات مهاجرة مع بداية القرن الحالي عندما هاجر إليها قرابة 150 ألف مهاجر عربي ليعيدوا للإسلام وجوده المتواضع هناك بعد أن قضت محاكم التفتيش الأسبانية الظالمة على من حط رحاله في فنزولا من مسلمي أسبانيا من الموريسكين الهاربين من جحيم محاكم التفتيش في أسبانيا مع العلم أن عدد هؤلاء الموريسكين في الأصل كان قليلا .
ومعظم مسلمي فنزويلا يعملون في التجارة البسيطة كباعة متجولين وهم في غالبيتهم من الطبقة المتوسطة التي لاتتمتع بالثراء الفاحش ولكنها نشطة في كسب قوتها وتحصيل رزقها ويعيش أكثرهم في كراكاس عاصمة فنزويلا حيث يوجد فيها عشرة آلاف مسلم بينما ينتشر الباقون في حوض نهر أورينكو وفي مدن مركاى وبرشلونة وبلنسيه وحاتورين وحول بحيرة مراكيبو التي يذكر التاريخ أن المكتشفين الأسبان رأوا مجموعة من الصيادين الهنود يحترفون الصيد في المياه الضحلة لبحيرة مراكيبو أمام سواحل القارة كما رأوا الأكواخ الخاصة بالصيادين تنتشر حول البحيرة فسموا المنطقة باسم فنزويلا التي معناها بالأسبانية فينيسا الصغرى .
وفي فنزويلا تأسست عام 1968 اللجنة التأسيسية لبناء مسجد فنزويلا وهي تتكون من مسلمين من مختلف الجنسيات واستطاعت إنشاء مركز إسلامي في بيت متواضع في إحدى ضواحي كراكاس ويتكون من طابقين الأول يستخدم كمسجد والثاني كمدرسة مركز للنشاط الإسلامي وقاعة للاجتماعات وافتتح هذا المركز في سنة 1972 م (1392 هـ ) وأقيمت به صلاة الجمعة منذ افتتاحه ... وقد بذلت الجالية المسلمة محأولات عديدة للحصول على قطعة أرض في العاصمة لبناء مركز ومسجد إسلامي يليق بها . كما تأمل بأن تستطيع تأسيس ثلاثة مراكز في غرب وشرق البلاد حيث يتواجد المسلمون وتأمل كذلك بتأسيس مدرسة حديثة ومقبرة للمسلمين وبالحصول على أئمة ومدرسين ومرشدين .
وأبرز ما يعترض الجالية الإسلامية في فنزويلا هو الحقد الصليبي القديم والذي يساعده المسيحيون الشرقيون فيستغلون فقر الأسر المسلمة فيدسون التخريب والتزييف على الإسلام . كما ينشط اليهود في مواجهة المسلمين وقضايهم نشاطا واضحا مكشوفا .
3- كولومبيا :
وهي مستعمرة أسبانية في أمريكا الجنوبية أطلقوا عليها اسم غرناطة الجديدة واتخذوها مركزا لنائب ملك أسبانيا إلى استقلت عام 1817 تحت اسم كولومبيا الكبرى التي كانت تضم بنما وفنزويلا واكوادور ثم انسحبت فنزويلا واكوادور وتغير الاسم إلى جمهورية غرناطة الجديدة ثم إلى الاتحاد الغرناطي فالولايات المتحدة الكولمبية ثم أخيرا جمهورية كولمبيا بعد انسحاب بنما .
ويبلغ عدد سكان كولومبيا قرابة ثلاثين مليون معظمهم من المستيزو وباقيهم من الأسبان والزنوج الأفريقيين وأقلية من الهنود الأمريكيين. وفيهم حوالي 70 ألف من أصول عربية هاجرت في النصف الثاني من القرن الماضي و في أوائل القرن الحالي ... وعاصمة البلاد بوجوتا والنشاط الأصلي للسكان هو الزراعة وتتلقى أرضها كمية وافرة من الأمطار وفيها مساحات واسعة من الغابات .
ونستطيع القول أن الإسلام وصل كولومبيا أولا كما هو الحال في معظم دول أمريكا الشمالية والجنوبية مع وصول الأسبان . ويشير سيد عبد المجيد بكر إلى دلل بقوله : ولقد اهتم الكولومبيون بحضارة الإسلام بالأندلس وممن اهتم بذلك منهم كالدون ازكيال واريكواشا. وعندما ضعفت قبضة الكنيسة على السكان بعد استقلال البلاد وصلت الشجاعة ببعض الكتاب الكبار إلى أن يفتخروا ويشيدوا بالحضارة الإسلامية وتحدث بعضهم باللغة العربية ومن أشهرهم دون ،وفينو ، وخنوزي كوارفو .
ويبلغ عدد المسلمين في كولومبيا قرابة 13 ألف مسلم يعيشون في العاصمة بوجوتا وفي مدينة برانكليا وفي كالي ومايكو وساندريس ويعملون في التجارة كباعة متجولين مما يعني أنهم في أحوال اقتصادية متدنية وبحاجة ماسة إلى دراسة أوضاعهم ورفع مستوى معيشتهم .... والجالية الإسلامية في كولومبيا لذلك بأشد الحاجة إلى الهيئات والمؤسسات الإسلامية وتنقصهم المساجد والمدارس الإسلامية والكتب المنهجية ومن الأمور المزعجة غياب التعليم الإسلامي ... وأكثر ما هناك لديهم هو ناد في شقة مستأجرة يلتقي فيه بعض أفراد الجالية المسلمة ويتدارسون سبل الخروج من الوضع السيء الذي هم فيه خاصة وأنهم يواجهون تحدي الصليبية الموروث .
4- تشيلي :
وهي أيضا إحدى دول أمريكا الجنوبية تقع في غربيها وأرضها شريط طويل يمتد عبر مسافة طويلة تبلغ4828 كيلو مترا وقد احتلها الأسبان عام 1540 م واستقلت عام 1818 وعاصمتها سنتباجو أي القديس يعقوب وعدد سكانها 12 مليون نسمه أصلهم من الهنود الأمريكان ثم لما استقر الأسبان واختلطوا بالهنود تولدت عناصر (المستيزو ) وهم الآن أكثر سكان تشيلي 65% وهناك حوالي 25% من الأوربيين الذين أكثرهم من الاسبان.
وقد وصلت بوادر الإسلام إلى تشيلي مع الاستعمار الأسباني الذي نقل شيئا من الحضارة الأندلسية إلى دول أمريكا الجنوبية كلها فانعكس هذا الاتصال في آثار واضحة نجده في أدباء تشيلي مثل (بدررو وبرادو ) الذي تأثر بالثقافة العربية في شعره الأسباني ونشر ديوانا له عام 1921 م وأصبحت القصص العربية جزءا من الأدب الشعبي في تشيلي وهذا ولاشك صدى الموريسكين (المسلمون الأسبان ) في أمريكا الجنوبية ... غير أن أواخر القرن التاسع عشر الميلادي شهد هجرة عربية إلى تشيلي شكلت أهم مصادر الإسلام هناك فمن بين 130 ألف مهاجر عربي وصل تشيلي من سوريا ولبنان وفلسطين هناك حاليا حوالي 200 ألف مسلم يعيشون في نطاق العاصمة سنتياجو وفي عدة كقاطعات من تشيلي وهم يعملون في التجارة غالبا ومما يذكر أنه في الفترة الأخيرة وصل إلى تشيلي مسلمون من أصل باكستاني وأوربي .
ولقد أحس مسلمو تشيلي بحاجتهم إلى رابطة تجمعهم فأسسوا عام 1926 جمعية إسلامية كان مقرها بعاصمة البلاد لكنها توقفت عن العمل عام 1945 م ثم عادت إلى الوجود ثانية عام 1955 بجهود السيد توفيق روحيه ولها مكتب ومركز إلا أنه ليس لها مسجد كما أسس المسلمون هناك مدرسة إسلامية تابعة للجمعية لم تلبث أن توقفت عن العمل بسبب المصاعب المالية، وكذلك استطاعت الجمعية شراء مكان (مقبرة ) لدفن موتي المسلمين ... ولها نشاط ضعيف بحسب إمكانياتها المادية المحدودة لذلك فالتعليم الإسلامي ضيق النطاق لايتجأوز جهود بعض المسلمين المتطوعين .
وإضافة إلى هذه الجمعية فهناك جمعية (بان الإسلامية) وجمعية اتحاد المسلمين كما يوجد قسم للدراسات العربية بجامعة سنتياجو ويقوم بالتدريس فيها بعض الأساتذة المصريين .
وحاجة الجالية المسلمة في تشيلي تتمثل في مدرسة تضم أبناءهم وتحفظهم من الذوبان في المحيط الذي يخشى عليهم منه خاصة على ضوء ما تقوم به بعض البعثات التبشيرية من إغراء بعض الضعفاء من أبناء الجالية واستغلال أوضاعهم السيئة كما أن حاجتها تتمثل في تقوية الروابط والصلات فيما بينهم وبين سائر مسلمي العالم .
5 - باراجوي :
وهي جمهورية داخلية في أمريكا الجنوبية لاسواحل لها وإنما تحدها بوليفيا من الشمال والبرازيل من الشرق والأرجنتين من الجنوب والغرب وعدد سكانها قرابة 3.5 مليون نسمة وعاصمتها أوسونسيون واسمها باراجوي مأخوذ من كلمة هندية أمريكية تعني النهر المزدان وسكانها معظمهم من المستيزون مع أقلية أفريقية وأوربية وهنود أمريكيين ونشاطهم الأساسي متركز في الزراعة .
والإسلام في باراجوي عبارة عن ومضة خافتة فلا يزيد عدد أفراد الجالية المسلمة على 1200 مسلم معظمهم من التجار العرب وهؤلاء هم جزء من هجرة عربية وصلت إلى باراجوى في بدايات القرن الميلادي الحالي يبلغ عدد أفرادها حوالي 6000 عربي إلا أن معظمهم من المسيحيين .
ويسكن غالب المسلمون في المنطقة الشرقية من باراجوي على حدود البرازيل ولهم صلات وثيقة بمسلمي البرازيل خصوصا في ولاية بارانا البرازيلية ... إلا انه لأوجود للمؤسسات الإسلامية أو الهيئات في هذه الجالية القليلة التي تحتاج إلى المحافظة على كيانها خوفا من ذوبانها في المجتمع .