محبة الأولياء أهل الله رضي الله عنهم
قال الله تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الّذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم { يونس ( 62 -63) الحق بيَّن من هو الولي، قبل كل شيء يكون مؤمناً، ثم يكون تقياً، لكن أكثر الناس عندهم الولي هو الّذي يكاشف، غير هذا لا يعرفونه ولياً! الولي الّذي يتطلب المادة من الناس هذا ابتعدوا عنه، لا تأخذوا عنه؛ الولي فوق المادة لأن نوره فوق الظلمة فوق الكثافة ( الّذين آمنوا وكانوا يتقون) { يونس (62)كثير من الناس لما تتريّض نفسه بالمجاهدة يكاشف لا مانع، المهم الكرامة الحقيقية هي الاستقامة على الشريعة، أن يكون مستقيماً أمره الله ائتمر ونهاه الله انتهى، وإذا وقع بالمخالفة يعرفها مخالفة ويتوب، لا مال ولا أصحاب ولا شيء } لهم البشرى (قبل كل شيء) في الحياة الدنيا { قلبه مطمئن نفسه مطمئنة لا يوجد عنده أخذ وعطاء } وفي الآخرة { يبشّره الحق ويشهدعند طلوع روحه مكانه الّذي سيصل إليه، قد يكون أوّل الأمر غير مستقيم فيشهد مكانه الأول في النار، بعدها يشهد مكانه في الجنة، بعد أن تاب وأناب إلى الله سبحانه وتعالى هذا هو الأصل، قال: (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم)يونس (63-64) قال صلى الله عليه وسلم: ((هم قوم تحابّوا في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن لوجوههم نوراً، وإنهم على منابر من النور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس)) لكن يشترط أن يعتقد فيهم، إذا كان ابنه لا يعتقد فيه كيف لا يخاف عليه ويحزن؟! هذا سيدنا نوح ابنه كافر وزوجته كافرة، وسيدنا لوط زوجته كافرة } فخانتاهما { التحريم (10) بالكفر، زوجة النبي لا يجوز ابداً أبداً أن تكون زانية، وابن سيدنا نوح خان أباه بالكفر كذلك، هؤلاء لا يصلهم صلة لأنهم قطعوا الصلة، إذا واحد يحب ولياً من الأولياء ولو كان في غير بلاده فهو معه، إذا كان واحد يحب الأولياء ويتبعهم ويقتدي بهم، واحد حاج عدة مرات نقول له مصاريف الحجة أعطها للفقراء، لا يقبل! نقول له: الرسول صلى الله عليه وسلم يحب منك أن تفرقها على الفقراء وأنت حاجّ حججا مؤدٍّ الفرضَ الّذي عليك.. لا يوافق ـــ امرأة أو رجل ـــ يقدّمون أنفسهم على الحق، لا.. هذه عصبية نراها بأعيننا! لما تأتيه العصبية يغضب، وإذا كان واحد غضباناً قد ينطق بالكفر ـــ رجلاً أو امرأة ـــ لا تقل له صلِّ على النبي؛ لأن الشيطان قائده، والشيطان هو الّذي نطق بالكفر! هذا لا تقل له صلِّ على النبي أو اذكر الله.. إيّاكم، بلسانه ينطق والدافع هو الشيطان، عندما يكون غضباناً يفور الدم فوراناً ويغلي غلياناً، أين ذلك المؤمن صاحب النور البارز ويصبُّه فوق الدم الّذي يغلي لا تراه إلاّ وقد هدأ وسكن، الّذي يقول أحب الله وأحب رسول الله هو يعرف نفسه إن كانت المادّة أغلى من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بالتأويل ولا يعطي، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أغلى من المادّة يعطي.. لا يخافون على أحبابهم، ولا يحزنون على أصحابهم ولا على أقاربهم، من؟ الّذي يعتقد فيهم ويقرّ ويعترف، أما إذا كان من عائلته ولا يعترف بهم ولا بولايتهم هذا مقطوع معزول، افهموا.. المعاني فوق المادّة (ألاَ إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) يونس (63) أي من كان على عقيدتهم وعلى حبهم، وهذا هو الحق، مثل ابن سيدنا نوح، ولما بين له الحق تركه (إنه ليس من أهلك..) { هود (46) وكذلك سيدنا إبراهيم مع أبيه، وهكذا، إذا وضعنا مكبرة في قلب أهل الله لا نجد دنيا ولا آخرة ما في قلبهم إلاّ
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
أمّا الآن نرى الحب الطبيعي وليس الحب الروحاني ولا الحب الإلهي، لما يحب أحد حقيقةً لا يبقى يفكر لا بأهل ولا بمال ولا بشيء البتة، الحب الطبيعي لا يجوز، أما الّذي يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفديه بكل شيء..
لو أن روحي في يدي ووهبتُها لمبشّري بقدومكم لم أنصفِ
هذا الحب، يقول روحي فداك، نقول له: دينار حتى نعطيه للفقراء من أجل الرسول، لا يعطون!! كيف يقول أحب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من هم أولياء الله؟ قال: ((الّذين إذا رؤوا ذُكر الله)) هذا صحيح نذوقه ذوقاً، يفكر بالله وبرسول الله وبالأولياء وبالصحابة وأهل الله لأن عنده نور إلهي، الإنسان بمجرد أن يراه يتوجه إلى الله وإلى أهل الله، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( قال الله تعالى إن أوليائي وأحبائي من خلقي الّذين يُذكَرون بذكري واُذكَر بذكرهم } لهم البشرى في الحياة الدنيا {الولي قلبه ليس مولَّعاً لا بالدنيا ولا بالآخرة، وإنما مولَّع بربّ الدنيا والآخرة وبربّ الوجود كله، وعن عبادة بن الصامت قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ( لهم البشرى في الحياة الدنيا قال: ((هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له)) وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله تعالى قال من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبَّ إليّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الّذي يسمع به، وبصره الّذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذ بي لأعيذنّه)) وآذنته بالحرب أي أعلمتُه أني محاربٌ له، هذه أوّل الأمر، وإذا أصرّ على معاداة الأولياء يعلن عليه الحرب، وإذا أعلن الله الحربَ على واحد لا يوجد شيء يصدّه، أوّل ما يسلّط عليه نفسه، ويقسّي قلوب الناس عليه!
الوليّ لا يعرف غير الإحسان، لا يدعو على أحد ولا حتى على عدوّه، غير الولي لا يعرف غير الإساءة، الوليّ المحمّدي لا يدعو على أحد ويحسن لمن أساء إليه، أما الوليّ غير المحمّدي ربما يدعو بالشرّ وربما يسكت لا خيراً و لا شراً، الوليّ عبارة عن ميزان للعالمَ، الّذي يحبهم دلّ على أنه سعيد، والّذي يبغضهم دلّ على أنه شقي بعيد عن النور، لا أحد يجرؤ أن يقول لا أحب الرسول صلى الله عليه وسلم لكن ممكن أن يقول أنه لا يحب الأولياء، وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسمَ على الله لأبرّه)) أهل الصفّة ـــ نسمّيهم الآن أهل التوكل ـــ لا يطلب من أحد ولا يردّ عطاءً من شخص لا يعرفه، هؤلاء لا يعملون مخالفاتٍ، يشهدون المعطي والمانع هو الله عز وجل
أنا أطلب منكم حبَّ الأولياء وليس المجاذيب الّذين يأخذون المال، هؤلاء أتركوهم لحالهم، المجاذيب لا نريدهم، الشريعة فوق كل شيء، وإنما أقول لكم حبّ الأولياء أمثال الشيخ عبد القادر الكيلاني، والشيخ أحمد الرفاعي، والشيخ محي الدين بن العربي.. سيدي الشيخ الأكبر في آخر عمره أهدى له شخص داراً كبيرة، وجاءه سائل يطلب منه مالاً وما عنده عطاء، فأعطاه الدار كلها من أوّلها إلى آخرها..! لا تفرُق عندهم، رأس مالهم هو (الله) لا دنيا ولا غيرها..
الميزان الحقيقي الّذي وجدناه في الوجود هو حب الأولياء وحب الرسول صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم : ((يحشر المرء مع من أحب)) وفي رواية أعلى ((المرء مع من أحب)) ولو كان واحد بالمغرب وآخر بالمشرق وكان يحب ما عمل يحشر معه سواءٌ كان خيراً أو كان شراً، وإذا كانت واحدة أو واحد يحب المدنية يحشر معهم، وإذا واحدة أو واحد ديّن وأهله كلهم على المدنية يحشر مع الديّنين، هذه نعمة كبرى، من هنا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) هذه نعمة عظمى لأنها بيد الإنسان، لا نقول قضى الله علينا بالشقاوة، هذا خلط لا تؤمنوا به أبداً البتة؛ لأن الحق أمرنا ونهانا، إذا ائتمرنا وانتهينا لا شك أننا سعداء، وإذا خالفناه فهذه من الشقاوة، منهم من يتقي ويلحق المادة هذا ليس ولياً أبداً، بعض الناس يقولون فلان ولي، وهو يحب الدنيا هذا كذاب! الولي أول صفة أنه لا يحب المادة ولا يحب الدنيا، الولي إذا رأيناه يلحق المادة لا نعتبره أبداً ولا نقول له ادعُ لنا، ولا نقعد معه ولا نجالسه، أكثر الناس يعتقدون بالمكاشف، ربما هذا المكاشف من أهل الرياضة والمجاهدة أو صادفت.. النفس لما تصفو يصير عندها مكاشفة .
زماننا زمان إيمان أكثر من كونه زمان فعل، ومخلوط بين أظهرنا الجامدون وأكّالوا الحرام والبعيدون عن النور الإلهي والفهم الإلهي، منهم من ينكر الأولياء ومنهم من ينكر الكرامات، والّذين ينكرون الكرامات مطلقاً هم أقرب للكفر! ومنهم من يقول يوجد أولياء في زماننا وكرامات لكن ليس فلاناً وإنما فلان.. كذلك هؤلاء محرومون، لو لم يكونوا محرومين لاجتمعوا وأخذوا وغذّوا ولايتهم، الاعتقاد في الولاية ولاية، المعتقد في الولاية لا شك أن عنده شيئاً من الولاية، لكن ولايته لا تزال صغيرة، إذا تغذى بصحبته لأهل الله ومحاسبته لنفسه وتأدّب بآدابهم تكبر وتكبر .
يوجد فرق كبير بين الولاية والسحر، الساحر الّذي يعمل السحر فاجر، كافر، أو فاسق، أو مدّعٍ، يوجد فرق كبير بين المعجزة والسحر، الأنبياء عليهم إظهار المعجزة عكس الأولياء، الأولياء عليهم الستر، لا يجوز كشف الكرامة إلاّ لضرورة هناك، أما لغير الضرورة لا يجوز مطلقاً ((لعلّ الله اطلع على أهل بدر وقال لهم افعلوا ما شئتم فإن الله قد غفر لكم)) بيَّنهم أهل بدر عموماً، وليس المعنى أن هذه خصوصية لأهل بدر، أكثر الناس تفهم الحديث على هذه الصورة، لا لا.. لا توجد خصوصيات لكن قلبهم تطهر ما بقي عندهم استعداد أن يعملوا مخالفة، وإذا وقعت منهم مخالفة فعن غير قصد، وهؤلاء لما يتوبون ويرجعون الحق يبدّل سيئاتهم حسنات، لا يمسحها وإنما يبدلها ويقلبها حسنات، لأنهم ما عندهم نية مخالفة .
الفرد الذاتي لا أحد يحكم عليه، الذاتي معرض عن جميع المراتب، لكن مطلوبه أعلى، ما خُلق الذاتي كي ينطق، جرت عادة الله الغوث وغيره يزورون هذا الشخص وهو لا يزور أحداً، لأنهم كلهم في سعته وليس بطاقتهم أن يسعوه، يزورونه بالجسم أو بالجسد، يزوره الأحياء والأموات، يلزمها عمل ( ومن يتق الله يجعل مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب { الطلاق (2-3) لا يتقى من أجل التقوى، لا يمكن فهم حقيقة الأمر إلاّ بالتطبيق ((حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)) أنا أحاسب نفسي بالصغيرة والكبيرة، لا أحد حاسبني لا صغير ولا كبير، أنا أنصحكم الّذي يطلب من الله عليه بالصدق والانكسار إلى الله وأنا الكفيل هو يعطيكم، لا يوجد غير الله.
لابدّ أن نأخذ ديننا من الأكابر الّذين يرضون بما يعمله معهم حبيبهم ((إذا أحب الله عبداً ابتلاه)) راضون لا يرون المبتلي إلاّ الله؛ لهذا فهم مسرورون على الدوام، ربما تتأثر طبيعتهم دقيقة أو دقيقتين أو خمسة.. لا أكثر من ذلك، يرون الأمر على ما هو عليه } حكمة بالغة فما تغني النذر القمر (5) سيدنا الغزالي عندما قال بعد ما فُتح عليه: ليس في الإمكان أبدع مما كان. قالوا عنه: عَجَّز القدرة الإلهية، وردّوا عليه ألفَ ردٍّ!! هذا الّذي قاله الغزالي لا غيره، أعلم منكم وأعقل منكم وأنتم قلتم عنه (حجة الإسلام) فكيف يعجّز القدرة الإلهية؟ كلام الغزالي هذا عن طريق الحكمة لا عن طريق القدرة، ليس في الإمكان أبدع مما كان، والآن ليس في الإمكان أبدع مما كان، اعرف وارجع، إذن لابدّ أن نكون دائماً بالمراقبة حتى نفهم، والحق هيّأ لنا المنح التي لا تعد ولا تحصى، تأتي إلينا على الباب ونحن نردُّها، ماشون من أنفسنا مع غاياتنا ومراداتنا وشهواتنا.. هذه حُجُب عن الأخذ عنا، لابدّ أن لا يكون عندنا الإقبال إليه، رأس مالنا أنفاسُنا، الصافي دائماً يرى، يرى حسب قوته، يرى ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، هكذا يرى كل صافٍ، مربوطة بالصفاء، إذن يرى كل شيء، إذن معك كل شيء، والحق يقول } واتقوا الله ويعلمكم الله { [سورة البقرة 282 ] أين أنتم من هذه الغفلة؟ لماذا هذا الإعراض؟ هو يناديكم إليَّ عبادي! لماذا تعرضون عني؟ لا غنى لكم عني! إليَّ أقبِل اُقبِل إليك بقلوب العباد كلها.. لمَِ هذا الإعراض؟ غفلة عامة وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين الذاريات (55) التذكير للغافل، العالم كله مخلوقاته، ما جاء يوم الله ليس خلاّقاً، من الأزل إلى الأبد خلاّق، السبب الأول هو أكل الحلال،
إذا انتقم الحق منك افرح لأنه يريد أن يطهرك لتدخل الجنة طبتم فادخلوها خالدين الزمر(73) دخول لا خروج منه، لابدّ من أكل الحلال حتى السمع والبصر واللسان لا يغتاب لا ينم لا يحكي على غيره لا يسمع حراماً لا يرى حراماً لا يغش ولا يخون، والبيع والشراء مضبوط، ولا يعامل الربوي ((الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات)) لا تأخذوا عن كل واحد، خذوا عن أهل التقوى الّذين كلامهم موزون وسمعهم وبصرهم موزون وحركاتهم موزونة، لأن عندهم النور واللطافة، هؤلاء بين يدي الله دائماً، أما بعض الناس حيوانيون! لا يفهمون ولا يدركون، لا تأخذوا عنهم، لا تنغرّوا باللحية والعمامة، عمامة خضراء، عمامة بيضاء، عمامة كبيرة، أكثر المشايخ يلقنون أتباعهم الأوراد، أين محاسبة النفس؟ قال سيدنا عمر: ((حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)) أين هذه؟ أين ((حب الدنيا رأس كل خطيئة)) ؟ لا يوجد عقل ولا ذرة! أين التقوى؟ اذكر الله ليلاً ونهاراً واعبد الله ليلاً ونهاراً وقلبك مقبل عليها لا تنفعك! يجب أن يكون قلبك مقبلاً إلى المولى، مثل السم، وبعدها يعطونهم الخلافة والمشيخة، كيف تعطيه المشيخة والخلافة ولا يزال يحب الدنيا؟ أين التقوى؟ كيف تجعلونه شيخاً؟ على أي أساس؟ يسلكونه بالأوراد الخاصة ولا يزال تلبسه المخالفات والنفسانيات ويحب الدنيا! يا خائن! أعطيتَه الأوراد ولا يزال وسخاً، جرّبوهم هؤلاء، إيّاكم أن تأخذوا عن واحد منهم شيئاً، أما عند أهل الله الأموال، والزعامات، والدنيا، والآخرة، ليس لها قيمة. لا يوجد أحد له قيمة عندهم غير الله ورسول الله وأهل الله، كل واحد عندهم فوق الوجود، نحن المشيخة تعتز بنا، والإسلام يعتز بنا، هذا الإنسان الخليفة، خليفة الله في الأرض ((وكان خُلُقُه القرآن))
لا يفهمون، المشايخ مثلهم، يجاملونهم ويماشونهم، كيف هذا يا مشايخ؟ واجب الشيخ أن يدل على الله، يظهر بالكمالات، لا يفهمون غير المادة، هم وإيّاهم من أين يعرفون الله؟ من بُعدكم عن الله ما بين النساء والزنا وشرب الخمر والكذب.. الحيوانات أحسن منهم! الكبار لا يعرفون الله فكيف هؤلاء؟ لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام بل هم أضل، أولئك هم الغافلون الاعراف (179) الأنعام: البقر والثيران والحُمُر.. هم أضل منها! إلاّ أهل الله هؤلاء يعرفون الله ومع الله على الدوام، تعالوا عندي ساعة اسألوني، أنا أمين، أنا نزيه، أنا أشهد لنفسي أنا أمين ونزيه، تعالوا اسألوني عن كل إشكال يحدث عندكم، أنتم مقضّيها باللعب والخمرة.. نحن لما اتقينا الله الحق أعطانا كل شيء، عرّفنا بكل شيء، فهّمنا بكل شيء، واحد قال لي: أنه ولي وعنده وسواس، هذا كذب! ما وجد ولي في الوجود وعنده وسواس أبداً؛ الولي تولاّه الله كيف يصير عنده وسواس؟ لا يمكن، أو عنده وهم؟ لا يمكن ابداً، الوهم يمشي على أهل الوهم لأنهم ما عندهم نور، الوهم ليس له وجود أمام النور، لا يقف أمام النور شيء، ما رأينا في الوجود غير واجب الوجود، لا نطلب منه شيئاً؛ من غير طلب يجزل العطاء إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون يس (82) اتقوا الله ولا تنظروا إلى هؤلاء، كذابين واطئين ما عندهم شيء اسمه شيء، أنتم اتقوا الله ولا تنظروا إليهم واسألوا، ولا تسألوا كل شيخ، والشيخ الّذي طلب العلم للمشيخة والمادة والله غير فاهمين شيئاً، هم يخافون مني! لماذا؟ لأني أبيّن لهم الحال الّذي هم عليه، الحال الوسخ القذر، لا يجرؤون أن يأتوا، أنتم يجب أن تأخذوا دينكم من الّذين تخلقوا بالدين .
أنا لا أحب البطال، زارعوا صانعوا تاجروا، لكن بصدق وإخلاص، لابدّ أن تنزّهوا العمل الّذي تعملونه تعطونه حقه، أما واحد يصطنع حركات المجاذيب فهذه لا أطيقها أبداً أبداً، أنا أريد شجعانا مثل شجعان الرسول صلى الله عليه وسلم سيدنا علي سيدنا حمزة سيدنا الزبير.. عظمة، وأعظمهم سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم أشداء على الكفار رحماء بينهم الفتح (29) أنا ما عندي صغير في الصحابة أبداً أبداً، كما أن عندي المذاهب الأربعة كلها على حد سواء، كذلك الطرق عندي كلها كاملة، وكلها على حد سواء توصل إلى الله، ما عليك إلاّ أن تكون صادقاً ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)) ليس حفظها (يعقوب وجورج يحفظها) بل تخلق بها هذا يجعله من الأولياء، بعدها يعطيه مرتبة أعلى، وإذا تحقق بها يجعله وارثاً في الوجود، يتخلق بكل الصفات التي أخذها آدم ((إن الله خلق آدم على صورته)) ، ((إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)) الله ليس بجسم؛ لو كان جسماً لاحتاج إلى محل يجلس عليه، الله خالق الأجسام بل خالق الأرواح والأجسام، الحق له عالمَان: عالمَ الخلق الّذي هو عالمَ الأجسام هذه تُرى بالعين، وعالمَ الأمر عالمَ الملائكة عالمَ الأرواح، قال الله } قل الروح من أمر ربي { الإسراء (85) الروح عالمها ليس عالماً مادياً، الروح لا ترى، غير فاهمين؛ لا توجد تقوى ولا إدراك ولا تمييز ولا نور (أنا.. أنا..) من أنت؟! لا يوجد غير الله، الّذي أعطاني الرحمة والصدق والعلم والأمانة وأعطاني الحكمة وأعطاني كل شيء، أنا لا شيء، إذن أنا مظهر فقط! لما أتكلم كله منسوب إليه جل جلاله .
الإنسان إذا تاب واتبع وصدق بمدة قصيرة يصير من الأولياء، برهِنْ لا تقتدِ بأحد إلاّ برسول الله صلى الله عليه وسلمكونوا يقظين لما تقعوا في ذنب أو تعملون قضية اعرفوا هذه مخالفة، أنا أكتفي بذلك منكم، ! وإذا تبتم أحسن، وأحسن الكل لا تعملوا ذنباً، لا تؤذوا أحداً وإن آذاكم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الراعي الأول هو قدوتنا، هو ميزاننا نزن به أعمالنا، عدوي وجب عليّ أن أخدمه، هذا من سنتي ((الخلق عيال الله أقربهم إلى الله أنفعهم لعياله)) العارف بالله رضي الله عنه موجات الابتلاء عليه كموجات البحر } ليسألَ الصادقين عن صدقهم { الأحزاب (8) كثير من النبهانيين أخطر على النبهانية من غيرهم! لكن منهم لا عن قصد وإنما عن بلاهة.
أهل الله ميزتهم عن غيرهم إذا الحق ابتلاهم ـــ وخصوصاً بواحد قريب كانوا يربونه والابتلاء واحد ـــ يدعون له لأنه هو الّذي وحّده مع الله وجعله ينفرد مع الله، أما الجاهل المحجوب فيقول: أنا ربّيته أنا أعطيته.. يوجد فرق كبير بين المحجوب وغير المحجوب، غير المحجوب إذا واحد يؤذيه يدعو له، ما وجد واحد من أهل الله سبّاب أو لعّان أبداً، هذا لا يكون بتاتاً، بل يكون من غيرهم، إذا واحد لحية كبيرة وعمامة كبيرة ومسبحة طويلة سبّاب لعّان نفهم أنه كذاب، أهل الله لهم خلوة خاصة إذا واحد يؤذيهم يدعون له: يا رب، عبدك كبر عقله ردّه إليك.. يبكون بكاءاً حاراً، أما الكذاب فيدعو عليه، لماذا؟ يقول: حرق قلبي الله يحرق قلوبهم! هذا لا يجوز هذا أصبح معزولاً، أهل الله غير ذلك، لا يوجد محرِّك ومسكِّن إلاّ الحكيم جل جلاله لكن بعد ما أعطانا أخذ علينا وعداً أن نصبر } وما يلقّاها إلاّ الّذين صبروا، وما يلقّاها إلاّ ذو حظ عظيم { [سورة فصلت 35]سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أوذي كثيراً وخصوصاً من أقربائه وجيرانه، أحد جيرانه عمه أبو لهب، وجاره الآخر يهودي كانوا يرمونه بالأقذار ويحسن إليهم، الكرامات والمعجزات والمعارف الإلهية كلها ناتجة عن الابتلاء، ويشهدون الابتلاء من المبتلي جل جلاله العارف لا يشهد في الوجود إلاّ واجب الوجود، بأي شكل تجلى لهم يتجلون بتجلياته سبحانه وتعالى } كل يوم هو في شأن { [سورة الرحمن 29] كل التجليات شؤونات له، وهو شأن الشؤون جل جلاله.
بعض الأولياء أو المتعبدين ساحوا في الجبال ويتعبدون في الكهوف.. هذا من ضعفهم! لو كانوا أقوياء لما ساحوا وراحوا إلى الجبال؛ ما عندهم مرجع حتى يسمعوا كلامه ويمتثلوا أمره، منهم ما عنده أهلية يظن أنه سالك، أصل هذا أنه شم واشتهى، ليسوا أهل سلوك هؤلاء أهل البركة، يريدون ثواباً وجناناً، هؤلاء متعبّدون رضي الله عنه السالك مراده ربه، الوجود بحاجة إلى العارف بالله حتى يسلّك الناس إلى الله، الوجود كامل وهو بيد الحضرة الإلهية، وليس بيد الحضرة المحمدية ولا بيد الصحابة ولا بيد أحد.. سيدنا محمد انتصر لكونه صدق مع الله، الله أمره ائتمر } وما النصر إلاّ من عند الله { الانفال (10) هذا عمّه أبو لهب ما آمن به، سيدنا نوح ابنه ما آمن به، وهذا سيدنا إبراهيم أبوه..
الحلاج عارف بالله إلا أنه ضعيف، ولو كنت في زمنه لأخذت بيده، وعلماء الظاهر مأجورون بالحكم عليه، لأنهم حافظوا على ظاهر الشريعة، الحلاّج من أهل المحبة، ما عليه حق لكنه عمل عملاً لا يسدّه إلاّ رأسه!! كان لابدّ أن ينضبط أو لا يجلس بين الناس، ما في الوجود غير الله، كلنا نعرفها، الكلام الّذي حكاه الحلاج شطحة، الحال ضَعْفٌ * كـــــلُّ حــــــالٍ يــــــــــزول * هذا الحكي يحكيه المحب، المحب يحكي كل شيء، هذا الحكي لا يحكيه العارف، أثناء السير لما يفنى يشهد ما في الوجود إلاّ واجب الوجود، الإنسان لما يعمل مخالفة تقام عليه الحدود .
الفتوحات المكية حرام على أحد أن يقرأها لأنها حقائق! الحقائق قبلها شريعة وطريقة، أنت لا تزال لا تعرف شريعة ولا طريقة، لا تأدّبتَ بآداب الشريعة ولا تخلَّقتَ بأخلاق الطريقة حتى ينتج عنها حقيقة، والحقيقة لا تحصل لكل واحد، لا تحصل إلاّ لصاحب الهمّة، إذا ما عنده همّة لا تنتج الحقيقة ابداً، وهذا كلام الشيخ الأكبر محي الدين (أبو الفتوحات) ليس علماً وإنما ثمرات فتوحات من الحضرة الإلهية حرام على غيرنا مطالعة كتبنا، ويقول الشيخ..
تركنا البحور الزاخرات وراءنا فمن أين يدري الناس أين توجّهنا؟
لا مانع إذا كان توجد محبة، أهل المحبة، لابدّ أن يكون صادقاً ونزيهاً وأميناً، هذا سيدنا عبد الكريم الجيلي كان من الأكابر الأكابر الأكابر، هذا الكلام الّذي يحكيه كله شاهده في سيره (لما سافرنا إلى بغداد زرنا قبره في خان من الخانات وكان مهملاً، واضعين عليه حصيراً أو غير ذلك، قلت: يا حيف! كلَّفنا واحداً يعمر ويهندس له ضريحاً) كانت بيني وبينه نسبة وقت السير كأنه هو وكأني هو، سيره مثل السير الّذي كنتُ عليه، صادق.. قال
وما نار إبراهيم إلاّ كجمرةٍ من الجُمَر اللاّتي خبتها الأضالعُ
عنده النار في المحبة بكل ذرة من ذراته، عن ذوق كامل .
كان الرسول صلى الله عليه وسلمعندما يخرج من بيته إلى المسجد يقول لأصحابه: ((لا يقل لي أحد عن أحد؛ دعوا قلبي مع الله)) أول صفة سلامة الصدور، هذه قليل جداً من الناس عليها، الفظّ لا يأتي منه الخير } ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك { آل عمران (159) لا يمكن لأهل الله أن يكونوا أفضاء وإنما يتواضعون للصغير والكبير، لما يتذوّق الإنسان له علامة يصير كله وجهة } إن الله يدافع عن الّذين آمنوا { الحج (38) .
لابدّ من عمل } من يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب { الطلاق(2-3) لا يتقي من أجل التقوى، وجدنا الحقيقة أن التقوى هي التي أعطتنا الثمرة } اتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم{ [سورة البقرة 282 ] سيدنا أبو حنيفة وسيدنا الشافعي وسيدنا مالك وسيدنا أحمد بن حنبل هؤلاء المجتهدون حصّلوها بالتقوى، لابدّ أن نحب هؤلاء أهل المذاهب وأهل الطرق كلها الصادقين ونحب الصحابة، ((أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم))
· الحال لله سبحانه وتعالى لما يأتيك أقل الدرجات اسكت، أهل الله لما يأتيهم الحال يسكتون أبداً إلاّ إذا هو أنطقهم ويتكلمون، عندئذٍ يصير لهم مقاماً، الشخص الّذي يتكلم بالحال غالباً غير صادق! أمّا الصادق يسكت ويسكن ويعبئ من هذا الحال حتى يقوى فيصير مقاماً، ازَّيــّنوا بالشريعة وزيّنوها للآخرين، لا تنسبوا الحال لكم انسبوه لله } ذلك فضل الله { الجمعة (4)من عند الله، يشعر باللذة لأنه مع رب الحال، يسكن ولا يدعي ولا يضطرب ولا يقول صار وما صار.. بعدها يتحسن الحال، صار حاملاً يستعملك في الخير، إذا سكنت عند مجيء الحال مكث عندك ويأتيك حال آخر بشكل آخر. تشكر الله لأنه منسوب لله وليس للعبد، يأتيك بغتةً لا يجوز أن تحكي، وإذا حكيت فأحد نوعين: إمّا مأمور من قبل مرجعك، أو تتحدث بنعم الله، أما بنفسك فلا يجوز، الحال له حق أن تنسبه لله وتشكر الله على ذلك، ما نحكي عن الصغار البهاليل، نحكي عن الأولياء.
هـــم النــاس فالــزم إن عــــــــــــرفتـَهم *
كثير من البعيدين عن الله والجامدين يظنون الأولياء أرباباً! لا والله، الولي ذليل بين يدي ربه على الدوام، دائماً ذليل يا رب، يا رب.. وإذا منَّ الله عليه بشيء من الطاعة ينسبها إلى الله لا لنفسه، يقولون: من هو شيخ الصوفية؟ شيخهم هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أهل الصفّة هؤلاء الصوفية حقاً، هم الشجعان حقاً، هم الكرماء حقاً، هم..وهؤلاء حرّاس الرسول صلى الله عليه وسلم .
كثيرون يأتون إلى الذكر وإلى الدرس..وهم باقون على ما هم عليه، الإنسان دائماً بالرقي الدائم، }وقل ربِّ زدني علماً { [سورة طه 114 ] لماذا؟ } بل هم في لبس من خلق جديد { ق(15) الخلق الجديد، دائماً جديد، أرقى مما مضى، أرقى وأعلى.. هذه بحاجة إلى محبة تسهل عليكم السير.
عن أبي عثمان المغربي رضي الله عنه قال: "العارف ـــ ومثله تابع العارف ـــ تضيء له أنوار العلم فيرى عجائب الغيب" الغيب له ضوء مثل الشهود له ضوء، ضوء الغيب العلم بالله، يعني العلم الصادق المرضيّ، هذا العلم له ضوء يضيء للغيب كذلك الغيب له نور له ضوء وهو التقوى في الله سبحانه وتعالى فالتقوى هي ضوء الغيب، والغيب له ضوء مثل الرسول صلى الله عليه وسلم لما بعثه الحق ليخرجهم من الظلمات التي كان عليها الناس بعضها فوق بعض، ولما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالنور الحق وهو القرآن، وشرَحه وبيَّنه بكلامه وهو الحديث، فالإنسان إذا ما عنده اعتقاد أو اعتقاده ضعيف أو ضئيل بالله أو بأهل الله وأهم ما يكون بالأولياء ـــ يحتاج إلى نور، نور الغيب وهي التقوى، والتقوى يجب أن يكون معها همّة، وهكذا..
قال إبراهيم بن أدهم لرجل: أتحبُّ أن تكون لله ولياً؟ قال: نعم، قال: لا ترغب في شيء من الدنيا والآخرة، وفرّغ نفسك لله، وأقبل إلى الله بوجهك يقبل عليك ويواليك }[فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً{ الكهف (110) .
رأس مالي محبة الأولياء من صغري، فالّذي يحب الأولياء يحبه الله سبحانه وتعالى، قال صلى الله عليه وسلم : (( اللهم ارزقنا حبك، وحب من أحبك، وحب عمل يقربنا إلى حبك، واجعل حبك أحب إلينا من الماء البارد))
من أحب أولياء الله لابدّ أن يموت على توبة، ومن أنكر الولاية أنكر الرسالة، وأنكر الربوبية!!
إذا اعتقد شخص ـــ رجلاً كان أو امرأة ـــ بكلام العارفين ( أهل الله ) أي صدّق بكلامهم أنه حق فقولوا له يدعو لكم، فإن دعاءه مستجاب!
الّذي يحب الأولياء العارفين يحضرونه عند الوفاة وفي القبر عند السؤال وعند الميزان وعند الصراط، لأن الله سبحانه الّذي يحبهم ويحبونه هو الّذي يحضرهم عند الشخص الّذي يحبهم في المواطن المذكورة لقوله صلى الله عليه وسلم ((المرء مع من أحب )) الّذي لم يرَ الأولياء ولم يجتمع بهم ما رأى شيئاً، ونحن دائماً مع الأولياء مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أحمد الرفاعي، أرواحهم معنا الآن، أهل الله أرواحهم لطيفة وأجسامهم لطيفة .
الّذي لا يحب أهل الله تعالى لا يحبه الله، ولو كان عاملاً متصدقاً وهو على خطر في المائة تسعة وتسعون أن يموت على الإيمان، والّذي يحب أحباب الله يحبه الله ولو كان قاطع طريق، لأنه لو لم يحبه الله ما وضع حب أحبابه في قلبه ولابدّ أن يموت على توبة قبل وفاته، سارقاً كان أو قاطع طريق أو شرّاب خمر ولكن قلبه مملؤ بحب الأولياء والله لا يمكن أن يموت حتى يمن عليه الحق بالتوبة بشرط أن لا يكون ديوثاً، كل من يحب أحبابه فهو سعيد إلاّ الديوث، لأنه في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة ديوث، وإن ريحها ليشم من بُعد ألف عام)) والديوث لا يشم رائحة الجنة، وكل قضية يمكن التساهل بها إلاّ الدياثة دليلنا في ذلك لو كان الله لا يحبه ما جعل حب أحبابه في قلبه، هذا دليل واقعي ذوقي ودليل حقيقي .
وإذا قلنا بالعكس صوام، قوام، كل سنة يذهب إلى الحج، ذقنه طويلة ولفته كبيرة لكنه لا يحب الأولياء فهذا عليه خطر زوال الإيمان تسع وتسعون بالمائة وثلاثة أرباع، إياكم أن تجالسوهم، إياكم أن تحبوهم، نحن نحب الأولياء، وأنا أقول : والله أي شخص مهما قتل وخرّب العالم ويحب الأولياء لا يمكن أن يموت إلاّ على توبة، دليلي لولا أن الحق سبحانه وتعالى يحبه ما جعل حب أحبابه في قلبه .
والآخر الأفندي المدرّس الصائم ثلاثة أشهر والإثنين والخميس ولا يترك عملاً إلاّ ويعمله ولكن لا يحب الأولياء، فهذا عليه خطر بالمائة مائة، إلاّ إذا تاب تاب الله عليه .
أساس الأساس أن تكون العقيدة سليمة، وكل شخص رأيتموه يحب الأولياء فأخبروه بأن الشيخ النبهاني يبشرك بالجنة! ويقول : لو أن الله ما يحبه ما جعل حب أحبابه في قلبه .
أنت تحب أهل الله وتُضام؟ لا والله! .
الّذي يؤذي الأولياء يحاربه الله، والّذي يحب الأولياء في قلبه علامة خاصة أنا أكفله أن يدخل الجنة، ولا يمكن أن يموت إلاّ عن توبة، أما الّذي لا يحب الأولياء لو يزكى ويتصدق وينفق ويقوم الليل ويصوم النهار عليه خطر تسعة وتسعون بالمائة وثلاثة أرباع!! الأمور مبنيّة على قاعدة: ألاَ إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الّذين آمنوا وكانوا يتقون { يونس (62)من جعله ولياً؟ من اصطفاه واختاره؟ هو الله، والحق أعلم وأحكم، الّذي يحارب الأولياء شقي؛ لأنه لا توجد نسبة والرسول r جعل قواعد: ((المرء مع من أحب)) و((يحشر المرء مع من أحب)) ومن أسماء الله الوليّ } ولي حميد { أعطى اسم الولي للّذي آمن واتقى، الميزان هو حب الأولياء، الّذي ينكر الولاية فقد أنكر النبوة وأنكر الربوبية وهذا كفر! وجب على الإنسان أن يأكل الحلال قبل كل شيء ويصاحب أكابر أهل الله. حبكم لأهل الله ينفعكم كثيراً
حتى إذا يأتي بلاء على زوجتك وأولادك يُصرف عنهم كرامة لمحبتك لهم، الّذي يحب أهل الله لا يموت إلاّ عن توبة، والّذي عنده عبادة الثقلين ولا يحب الرسول صلى الله عليه وسلم والأولياء عليه خطر تسعة وتسعون بالمائة وثلاثة أرباع! والّذي يؤذي الأولياء شخصيته ناقصة وإيمانه ناقص وإنسانيته ناقصة، ابن الفارض كان محباً لشيخه الشيخ الأكبر سيدنا محي الدين رضي الله عنه يقول عن ابن الفارض : شمّ الرائحة وعبأ الدنيا صياحاً!. وكان واحد يحسد ابن الفارض في مكة..ابن الفارض ترك مصر وجاء إلى شيخه في مكة، ما نزل في مكة بل نزل في الوديان ينزل في الوديان دائماً، يريد أن يصلي الصلوات الخمس وراء شيخه في مكة، يروح ويرجع مسافة عشرة ايام يروح ويجيء ولا يحس! عنده واحد عذول لا يحبه، وفي يوم وإلاّ أسد يمشي بجنب ابن الفارض يقول له : اركبني اركبني! فلا يسمع للأسد ولا يعطي له بالاً! فحين رأى العذول هذه الحالة تاب التوبة النصوح ورجع لابن الفارض، أهل المحبة تخدمهم الصغار والكبار حتى الإنس والجن وحتى الحيوانات، المحب الصادق إذا تقول له محبوبك يحبك يصيح بك! لا يرغب أن يسمع منك هذه الكلمة أبداً؛ يشهد لا وجود له مع محبوبه أبداً