تحت رعاية الوكيل المساعد للعلاقات الخارجية والتنسيق والدعم الفني وشؤون الحج المشرف العام للبرامج العلمية بالمركز العالمي للوسطية رئيس منتدى الأدب الإسلامي بالكويت د. مطلق القراوي يقيم منتدى الأدب الإسلامي بتاريخ 11/11/2009 م أمسيته الأديبة لفضيلة الشيخ عبد الله نجيب سالم الباحث العلمي بالموسوعة الفقهية والتي تحمل عنوان «المدائح النبوية في العصر الحديث» وفيما يلي نص المحاضرة
المدائح النبوية ... في العصر الحديث
تزداد في العصر الحديث حاجة المسلمين إلى الالتصاق بالسيرة النبوية حتى لا يفقدوا هويتهم وانتسابهم إلى الدين، وينسوا تاريخهم الزاهر، وتنقلب لديهم المفاهيم والمبادئ، وتتغير الثوابت والقناعات بسسب ما يتعرضون له من غزو ثقافي وهجوم إعلامي وحرب مبادئ لم يسبق لها في التاريخ البشري مثيلٌ، إن في السيرة النبوية سراً عجيباً وتأثيراً غريباً، فهي الأرض الواقعية التي ينبت فيها القرآن الكريم، والتطبيق العملي للسنة الشريفة، وهي الفهم الصحيح للفقه والصورة النقية للعقيدة.
وفي هذا اللقاء أحاول إثارة كنز من كنوز السيرة النبوية استمر لصيقاً وقريباً من حياة المسلمين الحافلة.. إنه كنز المديح النبوي الذي هو لسان محبي رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل جيل وعصر وأمة.
لقد مدح الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم مدحاً ما بعده مزيد، فجاء الخلق بعد ذلك مقصرين في حقه مهما اجتهدوا، ودون مقامه مهما تفننوا، وقد قال قائلهم :
أرى كلَّ مدحٍ في النبيِ مقصِّراً وإنْ بالغَ المُثْني عليه وأَكْثَــرا
إذا اللهُ أثنى بالذي هو أهلُـه عليه، فما مقدارُ ما تَمْدَحُ الورى
وقال لسان الدين بن الخطيب :
فماذا عسى يُثني عليك مقصرٌ ولم يألُ منك الذكرُ مَدْحاً ولا حَمْدا
وقال أيضاً :
مَدَحَتْك آياتُ الكتاب فما عسى يُثني على عُلياك نَظْمُ مديحي
وإذا كتابُ الله أثني مُفْصِحاً كان القُصور قُصَارَ كلِ مديحِ
ش - قوافل مداّح رسول الله مستمرة:
ولم يخل عصر من العصور ولا زمن من الأزمنة، ولا أمة من أمم الإسلام ولا شعب من شعوب المسلمين من مُدّاحٍ كُثُرٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ يوسف النبهاني (المجموعة النبهانية 1/16) : اعلم أن مداح النبي صلى الله عليه وسلم في كل عصر ومصر كثيرون لا يحصيهم عد، ولا يحيط بهم مد، ولو جمعت مدائح أهل عصر واحد منهم لبلغت عدة مجلدات.
وكثير من مداح رسول الله r نظموا في ذلك دواوين على أنحاء مختلفة، وبعضهم التزم في شعره أموراً لا تلزمه كالوتري والطرائفي والفازازي ومن تبعهم كالشهاب أحمد المنيني الشامي، فقد نظموها عشرات وعشرينات على حروف المعجم، والتزموا أن يكون أول حرف في كل بيت كحرف القافية، وبعضهم جعل جميع القصيدة حروفاً مهملة (أي بلا نقط) والبعض جعلها على عدة قوافٍ وغير ذلك من تفننات الشعراء.
- الحكم التكليفي لمدح رسول الله r:
مدح رسول الله r مستحب مستحسن مسنون، وهذا حكم فقهي لم يخالف فيه أحد من المسلمين. جاء في الموسوعة الفقهية (مدح ف 4) دأب العلماء على مدح النبي r بعظيم قدره عند ربه ومنزلته، وما خصه الله به في الدارين من كرامته. قال القاضي عياض في كتابه العظيم "الشفاء بتعريف حقوق المصطفى" (1/215) : لا خلاف أنه r أكرم البشر وسيد ولد آدم، وأفضل الناس منزلة عند الله، وأعلاهم درجة وأقربهم زلفى. وكان لـه r شعراء يصغي إليهم، منهم حسان بن ثابت وعبدالله بن رواحة رضي الله عنهما، وقد مدح كعب بن زهير رضي الله عنه النبي r بقصيدته (بانت سعاد) فأثابه على مدحه ببردته الشريفة r .
ـ المدائح النبوية من المنظور الفقهي أقسام ثلاثة:
القسم الأول : المديح المتفق على قبوله، الذي لا يخالف أحد فيه، ولا يشذ أحد في منازعته، وإنما هو مأخوذ من صحيح الأخبار وواضح الألفاظ وجلي الفهم . وهذا قسم كثير موفور.
القسم الثاني : المديح المتفق على رده وإنكاره والزجر عنه، وهو ما خرج برسول الله عن حد العبودية لله، فأوصله إلى رتبة الألوهية والفعل المطلق في الكون ونسبة حدوث الأشياء وأحداثها إليه حقيقة وصراحة. فهذا واضح في الكفر جلي في المنع. وهو قليل مردود بل يكون نادراً معدوماً لا وجود له.
وأكاد أجزم أنه لم يعرف عن أحد من مداح رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروفين مثل ذلك فيما أعلم والله أعلم. فقد عصم الله نبيه من أن تضل أمته وتهوي إلى الشرك فيه أو بسببه.
القسم الثالث : المديح المختلف فيه بين القبول والرد، والأخذ به والمنع عنه، وهذا راجع إلى مبالغات بعض المادحين، أو أخذهم ببعض ما ليس بقوي السند من الأخبار والآثار، أو فهمهم بعض النصوص على وجه محتمل لم يوافقهم غيرهم فيه.
وهذا النوع من المديح هو الذي يثير الجدل واللغط عند بعض المتشددين، ناسين أو متناسين أن المبالغة، واستعمالَ المجاز والتورية والكناية والاستعارة طبيعة في الشعراء، لم ينها عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستمع إليهم في مدحهم له.
ـ مدائح العصر من أهل كل مصر
وإذا كنت أعجز من أن استوفي مديحه صلى الله عليه وسلم، أو أوفيه كامل حقه من البحث والحديث، في عجالة من الوقت، وضعف من الجهد، فإنني سأقتصر هنا على طائفة من أشهر مدّاحه صلى الله عليه وسلم في العصر الحديث: في المائة سنة الأخيرة من زمننا، وأبرز ما فاضت به قرائحهم وما تفتقت عنه أذهانهم، مما يدل على أن جذوة - حبه صلى الله عليه وسلم – لا زالت في النفوس متقدة حية.
وأجتهد أن تكون مدائحه r التي جمعتها هنا متنوعة في أساليبها ومواضيعها وبلدان أصحابها وشعوب قائليها ولغات ناظميها ومستوياتهم الاجتماعية والعمية... لأثبت وأبرهن على أن مدحه r الذي هو وليد حبه لا زال شلالاً متدفقاً ونبعاً فياضاً هادراً في هذا العصر على ألسنة المسلمين كما هو الحال من قبل في كل العصور سواء بسواء. وقد جمعت قصائد في مديحهr للشعراء التالية أسماؤهم :
من مصر : أحمد شوقي ومحمود سامي البارودي ومحمود محمد بكر هلال ومحمد هارون الحلو وعبد الغفار حامد هلال ومود التهامي
ومن الكويت : عبد الجليل الطبطبائي وخالد سعود الزيد وخالد محمد الفرج وندى الرفاعي
ومن البحرين: أحمد محمد الخليفة والحسيني مصطفى الريس
ومن السعودية : محمد أمين الكتبي وعبد الرحمن العشماوي
ومن سوريا : عيسى البيانوني وعمر أبوريشة وعمر بهاء الدين الأميري ومحمد القولي وضياء الدين الصابوني
ومن اليمن عبد القادر جيلاني بن سالم الخرد
ومن فلسطين يوسف اسماعيل النبهاني
ومن تونس محمد الناصر الصدام
ومن موريتانيا التراد بن العباس
ومن السودان حسن ابراهيم الأفندي
ومن الهند حبيب الرحمن العثماني وأنور شاه الكشميري ومحمد يوسف البنوري
ومن الداغستان نجم الدين دنوغونه
وقد مدحه صلى الله عليه وسلم شعراء غير مسلمين من العرب وغير العرب
منهم : عبد الله يوركي حلاق وخليل مطران وجورج صيدح ورشيد سليم الخوري وإلياس فرحات ومارون عبود ومحبوب الخوري الشرتوني وفولفانغ فون غوته .
ونستفتح مدائح أمير الشعراء أحمد شوقي من مصر لرسول الله صلى الله ليه وسلم باستعراض مقاطع وأبيات من رائعته الأولى (الهمزية النبوية) :
ويحلق بنا الشاعر عمر بهاء الدين الأميري السوري في سماوات الحب المحمدي ليحوّل هوى رسول الله صلى الله عليه وسلم دواء للقلوب العليلة، وطبّاً للأسقام المهولة. يقول في قصيدته الرائعة (الهوا دوا) بعد عارضٍ صحيٍ أَلَمّ به فجأة وهو في المدينة المنورة:
ويلتفت الشاعر الفذ عمر أبو ريشة من سورية بأبياته المصورة السلسة، ليرسم لنا ولادة رسول الله r ويتمه وطفولته وكفالة عمه أبي طالب له يقول:
وأخيراً يصل أبو ريشة إلى الصفحة الأخيرة من حياة رسول الله r، فلا يفوته أن يتناول ذلك ببديع التعبير وجميل الوصف:
وفي قصيدته (النبي محمد) يغرد شاعر الخليج خالد الفرج بمدحه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول :
وينتقل الشاعر الكويتي عبد الجليل الطباطبائي إلى امتداح كفّ المصطفى صلى الله عليه وسلم في عطائها ودعائها. يقول:
ويناجي الشاعر السيد عبدالجليل الطباطبائي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول:
وشاعرة الحرمين السيدة ندى الرفاعي، وهي تمتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيقة الأحاسيس، شفافة الرؤية عميقة الحب لرسول صلى الله عليه وسلم. تقول في قصيدتها (إلى المدينة المنورة):
وإذا وقفنا مع الشاعر التونسي محمد الناصر الصدام في قصيدته (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) تراءت لنا معان جديدة من الحب والمديح
ويرسل الشيخ السوري عيسى البيانوني أبيات الشعر في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مستعينا على ذلك بالاقتباس من كلام الله عز وجل في كتابه العزيز، وهذا يكاد يكون من فرائده، فلا ينظم بيتاً هنا من الشعر إلا ويضمنه أو يشير فيه إلى آية أو بعض آية من كتاب الله سبحانه.
ومن مديح الشيخ الفلسطيني يوسف النبهاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما يذكر له أنه نظم أوزان بحور الشعر الستة عشر في مدحه صلى الله عليه وسلم، ليسهّل معرفةَ بحور المدائح النبوية بالقياس على أبياته هذه، أو أن يجعل ميزان الشعر العربي كله مقيساً على مديحه صلى الله عليه وسلم.
فالبحر الأول : الطويل. قال:
أجلْ ليسَ للهادي الشفيع مماثلُ هو البحرُ لم يعرفُ له قطُّ ساحلُ
والبحر الثاني : المديد ، قال فيه :
أيَّدتْ خيرَ الورى معجزاتُ كُلُّها آياتُها بَيّناتُ
والبحر الثالث : البسيط ، قال فيه:
للمصطفى مِلّةٌ دانتْ لها المِلَلُ وشرعُه أشرقتْ من نورِه السُّبُلُ.
والبحر الرابع : الوافر، قال النبهاني فيه:
علمتُ اللهَ ليسَ له مثيلُ وأنَّ محمداً نِعْمَ الرسولُ
والبحر الخامس : الكامل، وفيه يقول:
بمحمدٍ نورُ المعارفِ شاملُ لولاه ما عَرَفَ الفضائلَ فاضلُ
والبحر السادس : الهزج، قال فيه:
أتى المختارَ تنزيلُ بهِ قدْ جاءَ جبريلُ
والبحر السابع : الرجز، وفيه يقول:
خيرُ الورى طُرّاً وأَعْلى أفضلُ نبيُّنا المدَّثِرُ المُزَّمِلُ
أما البحر الثامن : الرَمَّل، فقال فيه:
طيبةُ طابتْ وهاتيك الجهاتْ شَمَلَتْها بالنبيِ البركاتْ
والبحر التاسع : السريع ، قال فيه:
ما تحتَ تهديدِ العِدا طائلُ نبيُّنا الهادي لنا كافلُ
والبحر العاشر : المنسرح ، قال النبهاني فيه:
خيرُ الورى بالكمالِ مُشْتَمِلْ بفضلِه الجمِّ يُضربُ المَثَلْ
والبحر الحادي عشر : الخفيف ، فيه يقول:
مِن هُدى المصطفى استفادَ الهداةُ واستنارتْ بنورِهِ النيّراتُ
وفي البحر الثاني عشر : المضارع ، يقول:
عُلا طه شامخاتْ على الزُّهرِ عالياتْ
أما البحر الثالث عشر : المقتضب ، يقول:
شرعُ طه مُكْتَمِلْ وهو عَدْلٌ مُعْتَدِلْ
وفي البحر الرابع عشر : المجتث ، يقول:
أئمةُ الشركِ ماتوا بسيفِ طه وفاتوا
وفي البحر الخامس عشر : المتقارب ، قال فيه:
سَمَا فوقَ هامِ السماءِ الرسولْ دنا فَتَدَلّى فكانَ القبولْ
وأخيراً البحر السادس عشر : المتدارك ، ويسمى الخبب. يقول فيه النبهاني:
الفَضْلُ تقاسَمَه الرُّسُلُ والكلُّ بأحمدَ مُكْتَمِلُ
شعراء غير مسلمين مدحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
قافلة مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم حفلت بأناس غير مسلمين، شاركوا لسبب أو لآخر في ملحمة المديح النبوي الرائعة.
1ـ هذا هو الشاعر الحلبي المبدع (عبدالله يوركي حلاق) في قصيدته الغراء (قبس من الصحراء). يقول بافتخار، مادحاً رسول الله صلى الله عليه وسلم:
2ـ وهذا الشاعر اللبناني الأصل، المصري الموطن، شاعر القطرين (مطران خليل مطران) ينطلق في عالم المديح الرحب، يجلجل بصوته، يقول:
عانى محمدُ ما عَانَى بهجرتِهِ لِمَأْرِبٍ في سبيلِ اللهِ محمودِ
وكم غَزَاةٍ وكم حَرْبٍ تَجَشَّمَها حتى يعــودَ بتمكينٍ وتأييدِ
صَعْبانِ راضَهما: توحيدُ معشرِهم وأخذُهُم بعدَ إشراكٍ بتوحيـدِ
وبَدْؤُه الحكمَ بالشورى يُتِمُّ به ما شاءه اللهُ من عدلٍ ومن جودِ
3ـ أما الشاعر المسيحي (جورج صيدح) وهو أحد الشعراء العرب في المهجر الجنوبي (أمريكا الجنوبية) فقد صرح بافتخاره بالنبي في قصيدته البليغة التي سماها (صحراء يثرب).
يا مَنْ سَرَيْتَ على البُرا قِ وجُزْتَ أشواطَ العَنَانْ
آنَ الأوانُ لأن تُجَدِّ دَ ليلةَ المِعْــراجِ.. آنْ
عَرِّجْ على القُدس الشَّر يفِ ففيه أقداسٌ تُهـانْ
ماذا دَهاهم ؟ هل عَصَوْ كَ فأصبحَ الغازي جَبَانْ؟
أنتَ الذي علَّمتَهم دفــعَ المَهانةِ بالسِّنانْ
ونذرتَ للشهداءِ جنا تٍ وخَيْــراتٍ حِسَانْ
4ـ ويتشرف الشاعر القروي (رشيد سليم الخوري) وهو مسيحي من شعراء المهجر، بإرسال تحية عطرة وسلام صادق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عيدُ البريةِ عيدُ المولدِ النبوي في المشرقين له، والمغربين دَوِيْ
عيدُ النبيِّ ابنِ عبدالله مَنْ طلعتْ شمسُ الهدايةِ من قرآنِهِ العَلَويْ
بدا من القفرِ نوراً للورى وهدى يا لِلتمدِّنِ عَمَّ الكونَ من بَدَويْ
يا فاتحَ الأرضِ مَيْداناً لدولتِه صارتْ بلادُك ميداناً لكل قَوِيْ
يا قومُ هذا مسيحيٌّ يُذكرُكُم لا يُنْهِضُ الشرقَ إلا حبُّنا الأخويْ
فإن ذَكَرتم رسولَ اللهِ تَكْرِمةً فبلِّغوهُ سلامَ الشاعرِ القَرَوِيْ
5ـ وهناك شاعر نصراني آخر من شعراء المهجر هو (إلياس فرحات) نظم قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم مملوءة بعاطفة جياشة وإعجاب واحترام
غَمَرَ الأرضَ بأنوارِ النبوَّهْ كَوكبٌ لم تُدْرِك الشمسُ عُلُوَّهْ
بينما الكونُ في ظلامٍ دامسٍ فُتِحَتْ في مكةٍ للنورِ كُوَّهْ
لم يكدْ يَلْمَعُ حتى أصبحَتْ تَرْقبُ الدنيا ومن فيها دُنُوَّهْ
يا رسولَ اللهِ إنا أمةٌ زجَّها التضليلُ في أعمقِ هُوَّهْ
ذلك الجهلُ الذي حاربتَه لم يزلْ يَظْهَرُ للشرقِ عُتُوَّهْ
قُلْ لأتباعِكِ صلّوا وادرسوا إنما الدينُ هدىً والعلمُ قُوَّهْ
6ـ أما الشاعر اللبناني (مارون عبود) شيخ النقاد العرب، فقد كان مغرماً برسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى درجة أن سمي ولده محمداً وبه يكنى، يقول
لولا كتابُك ما رأينا مُعْجِزاً في أمةٍ مرصوصةِ البُنيانِ
حَمَلَتْ إلى الأقطارِ من صحرائِها قبسَ الهدى ومطارفَ العمرانِ
هادٍ يُصَوَّر لي كَأَنَّ قَوامَه مُتَجَسِّدٌ من عُنْصرِ الإيمانِ
7ـ وهناك شاعر لبناني (محبوب الخوري الشرتوني) نظم قصيدته (قالوا تحب العرب) وقد ضمنها اعتزازه بالعربية، وفخره بمحمد صلى الله عليه وسلم.
قالوا: تُحِبُّ العُرْبَ؟ قلتُ: أُحبُّهم يقضي الجوارُ عَلَيَّ والأرحامُ
قالوا: لقد بَخلوا عليك؟ أجبتُهم: أهلي وإن بَخِلوا عليَّ كرامُ
قالوا: الديانةُ؟! قلتُ: جيلٌ زائلٌ وتزولُ معه حَزازةٌ وخِصامُ
ومحمدٌ بطلُ البريةِ كلِّها هو للأعاربِ أجمعينَ إِمامُ
8ـ أما الشاعر الألماني الكبير فولفانغ فونِ غوته ففي قصيدته (أغنية محمد) في ديوان (خيال وواقع) نظم دراما عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم بأسلوب مناجاة وحديث شعري، يتبادله كل من علي وفاطمة رضي الله عنهما. يقول غوته عنه صلى الله عليه وسلم:
بخطوة قائد ثابتة يجر معه مصادر أخوته
وتحت وطأة قدمه تنبت في الوادي زهور
وتحيا من أنفاسه مروج ولكن لا يصده واد ظليل
ولا زهور، اذ هي تطوق ركبته وتتملق له بعيون حبيبة
الشيخ عبد الله نجيب سالم
الباحث العلمي بالموسوعة الفقهية
11/11/2009 م
قبسٌ من الصحراءِ شعشعَ iiنورُه فـجلا ظـلامَ الجهلِ عن دُنيانا
ومـشى وفي أردانِهِ عَبَقُ iiالهدى وأريـجُ فـضلٍ عطَّرَ iiالأكوانا
بعثَ الشريعةَ من غياهبِ رِمسِها فَـرَعى الـحقوقَ وفتَّحَ iiالأذهانا
مَـرْحَى لأُمِّـيٍ يُـعَلِّمُ iiسِـفْرُهُ نُـبغاءَ يَـعْرُبَ حِـكمةً وبـيانا
أمـحمدٌ والـمجدُ نـسجُ iiيمينِهِ مَـجَّدْتَ فـي تـعليمك iiالأديانا
وَنَـشَرْتَ ذِكـرَ اللهِ فـي iiأُميّةٍ وثـنـيةٍ ونَـفَـحْتها iiالإيـمانا
وأمـرتَهَا بـالبِرِّ فـاعتزَّتْ iiبه وتـسابقتْ في نَشْرِها iiالإحسانا
إنّـي مـسيحيٌ أُجِـلُّ iiمـحمداً وأراه فـي سِـفْرِ العُلى iiعُنوانا
وأُطأطِئُ الرأسَ الرفيعَ لذِكْرِ iiمَنْ صـاغَ الـحديثَ وعـلّمَ iiالقرآنا
إنـي أُبـاهي بـالرسولِ iiلأنـه صَـقَلَ النفوسَ وهذَّبَ iiالوِجْدانا
ولأنـه داسَ الـجهالةَ iiوانْتَضى سـيفَ الـجهادِ فـحَطّم iiالأوثانا
ولأنـه حَـفِظَ الـعروبةَ وابْتَنَى لـلعُربِ مَـجْداً رافـقَ iiالأزمانا
صـان الفَخَار البِكْرَ ذِكرُ iiمحمدٍ وَهَـفا، فـشَنَّفَ بـاسمِهِ iiالآذانا
أَمعزِّزَ الفُصْحى ومُطْلِعَ iiشَمْسِها ذِكـراكَ عـيدٌ يُذْهِبُ iiالأشجانا
ذكـراكَ تَـجمعنا وتَجمعُ iiحولنا إخـوانَ صِـدْقٍ عانقوا الإخوانا
إنـا حَـلَفْنا أنْ نـصونَ iiإخاءَنا سـياجِ عـزٍّ لـن يُمَسَّ iiهَوانا |
صـلوا على الحبيب طه iiالهادي (تـزودوا فـإن خـير iiالـزادِ)
إن رمـتموا التقريب iiوالتكريما (صـلوا عـليه وسلموا iiتسليما)
تـواضعاً قـد ركـب iiالـبعيرا (والـخيلَ والـبغال iiوالحميرا)
لـمـا الـبـعيرُ جـاءَه iiولاذا (قـال الـذين كفروا : إنْ iiهذا)
كــان حـبيباً سـيداً iiصَـفِياً (وكـان عـند ربـه iiمَـرْضياً)
صـلوا على من قال ربِّ أمتي (لا تـحزنوا وأبـشروا iiبالجنة)
فـقل لـمن فـي حبه قد iiعذلا (إنـي أمـرت أن أكـون أولا)
قـد أفـلحوا مـن خَـفَضوا iiللهِ (أصـواتهم عـند رسـول iiاللهِ)
مـنجي الورى يوم تقوم iiالساعةُ (يـومـئذٍ لا تـنفع iiالـشفاعةُ)
إلا الـتي خـير الـورى iiينالُها (دانـيـةً عـلـيهمو iiظـلالُها)
صـلوا عـلى شـفيعنا iiهادينا (إلـى صـراطٍ مـستقيمٍ iiدينا)
فـاضَ لـكلِ الـخلقِ منه iiوَدْقُ (وشـهدوا أنَّ الـرسولَ iiحـقُّ)
قـد هـيأ اللهُ لـه لـما iiدعـا (مـن كـلِ شـيءٍ سبباً iiفأتبعا)
فـإنْ أَبَـوا أن يسمعوا ما يحيي (قـلْ إنـما أُنـذرِكم iiبالوحيِ)
وكـلـما لـلـمعجزات iiبَـيّنا (قـال الـذين كفروا لن iiنؤمنا)
وبـحـرُ جـودِه لـهم iiبـسيطُ (والله مــن ورائـهم مـحيطُ)
تُـعْساً لـمن يُبغضُ ما iiأبعدهْ!! (يَـحْـسَبُ أنَّ مـالَه iiأخـلدهْ)
كـم قال قولاً مُعْرِباً عن iiفضلهِ (لـبثت فـيكم عُـمُراً من قبلهِ)
صلوا عليه تَغنموا العزَّ المصونْ (ود الـذين كـفروا لو iiتغفلون)
تـلك الـقرى نَـبَؤُها يـا قاسمُ (نـقصُّه عـليك مـنها iiقـائمُ)
كـم قـريةٍ لـما خلت من حبكا (طـاف عليها طائف من ربكَ)
آيـات وجـدٍ لـتذيبَ iiالعاشقينْ (ولِـتـكونَ آيـةً iiلـلمؤمنينْ)
كـم فـتيةٍ في البَرِّ تبغي iiحجةً (لـمـارأته حَـسِـبَتْهُ iiلُـجةً)
وكـم مـحبٍ قـاصدٍ iiلـلجمرةِ (اقـبلتِ امـرأتُه فـي iiصَرّةِ)
قـد عَـشِقوا طـه وآمنوا iiبمنْ (أوحـى إلـيهم ربـهمْ iiلَنُهْلِكَنْ)
طـائفتا حـبِّ أبـي الـزهراء (إحـداهُما تمشي على iiاستحياءِ)
قِـسْمٌ لـقد جـاءوا وهم أفواجُ (وآخــرُ مـن شـكله iiأزواجُ)
وكـلهم مـن فـرحٍ في iiعاليهْ (يـقولُ هـاؤوم اقرءوا iiكتابيهْ)
فـي حـبه الأوطـانَ iiيهجرونا (أولـئـك الـذيـن iiيـؤمنونا)
وافى إلى الدنيا الشفيعُ iiالأشرفُ (قـل يـا عباديَ الذين iiأسرفوا)
سـبحانَ مـن أبـدعه iiوصورهْ (مــن نـطفةٍ خـلقه فـقدرهْ)
مـحبُّه فـي الحشرِ ذو انتعاشِ (يـومَ يـكون الناس كالفراشِ)
لـمبغضيه الـويلُ كـل iiالويلِ (مـن قـوةٍ ومن رباط iiالخيلِ)
كـم صـوبوا سهامَ لومٍ iiصائبهْ (من قبلِ هذا فاصبر إنَّ iiالعاقبهْ)
قــد أسـبغَ الله بـه iiلآمـنهْ (نِـعَـمَه ظـاهـرةً iiوبـاطنهْ)
وقـلبُها مـن الـسرور iiطـابا (فـاتخذتْ مـن دونهم iiحجابا)
كـأنها مـن لـطفهِ إذ iiتـضعُ (فـي جـنةٍ عـالية لا iiتسمعُ)
مـن حـسنهِ قد ازدهتْ iiجمالا (وفُـتحتْ أبـوابُها iiوقـالا...) |
لا دَرَّ دَرِّي ولا بُـلِّغْتُ iiأَوطَـاري إنْ لـم أُجِدْ في رَسولِ اللهِ iiأشْعاري
فـي سـيدٍ ظُلمةُ الدنيا بهِ iiانْقَشَعتْ لـمّا أفـاضَ عـليها فَـيْضُ أنوارِ
فـي مَنْ سَنَا هَدْيِهِ عمَّ البسيطةَ مِنْ سَـهْلٍ وَوَعـرٍ وأنـجادٍ iiوأغْـوارِ
مَنْ لاَحَ بدراً على الأكوانِ iiفاقتَبَسَتْ مـن نـورِهِ كـلُّ أَصْقَاعٍ iiوأقْطارِ
مـحـمدٌ مُـنْقِذُ الـدنيا iiوسـيدُّها عَـيْنُ الوجودِ وأسنى صَفْوةِ iiالباري
عَـمَّ الـخَليقةَ إحـساناً وَمَـرْحَمةً وطَـهَّرَ الأرضَ مـن شرْكٍ iiوأقذارِ
ومِـنْ ضَلالٍ ومن جَهْلٍ ومن iiعَمَهٍ ومــن عِـبادةِ أوثـانٍ iiوأحـجارِ
من نورِ طهِ على الأكوانِ قد سَقَطتْ شـمسُ الحقيقةِ، لم تُحْجَبْ iiبأستارِ
أنـتَ الذي اختاركَ الرحمنُ وَاسِطةً لـخلقِهِ مُـنْتَقىً مـن نَـسْلِ أطهارِ
مـن خـصَّهُ اللهُ فينا بالشَّفَاعةِ iiهَلْ ُقـاسُ مِـقدارُه الـسامِي iiبـمِقْدارِ
بـحَـيْلِهِ أنـا بـعدَ اللهِ iiمُـعْتَصِمٌ لَـيْلِي وصُـبْحي وآصَالي وأَبْكاري
يَـهْواهُ قلبي وإنْ قَصَّرْتُ في iiعَمَلي واللهُ يَـعْـلَمُ إعـلاني iiوإسْـراري
زَادي وذُخْـري وآمـالي iiمـحبَّتُهُ مـنها مَـنَابعُ إيـرادِي وإِصْداري
يا مَشْرِقَ النورِ يا رُوحَ الوجودِ ويا مـصباحَنا فـي دَيـاجِي هذه iiالدارِ
لـو أنَّ ما في السما والأرضِ أَلْسِنَةٌ تُـحْصِي مَـزَاياكَ لم تَبْلُغْ iiلمِعْشارِ |
رُوحـيَ الـظمْأى فـي iiالدروبِ لـم تَـزَلْ تَـسألُ غـفّارَ الذنوبِ
أنْ يَـلمَّ الـشمْلَ بـالنورِ iiالحبيبِ رغمَ تَقْصيري وَقَد بانتْ عُيوبي…
عـائُدٌ قـلبي إلـيكم iiوالـمصيرُ كـلـما مَــرَّ زمـانٌ iiومَـسِيرُ
شِـدةُ الـوجدانِ والـحبُّ iiالأثيرُ فـمضى يَـتبَعُكم صَـبٌّ iiأسيرُ…
يـا رسـولَ اللهِ قد طالتْ iiسنيني بـعدَكم لا غَـدْوةٌ تَـشْفي iiحَنيني
أَتُـراني فـي مَـنامِي أم iiيَـقيني هـانَ بـاللقْيَا انتظارِي iiوأَنيني…
صاحبَ المحرابِ أشجاني iiاشتياقُ خـاطبتكَ الـروحُ والدَّمعُ iiالمراقُ
أَبـتـغي وَصْـلاً إذا آنَ الـفِراقُ أبـداً أُفـديك والـعهدُ iiوثـاقُ...
يـا دلـيلَ الناسِ في خيرِ iiطريقِ مَـنْبَعَ الأخـلاقِ والقولِ iiالصدوقِ
في هَواكمْ طابَ لي أَزْكى الرحيقِ نَـفْحَةٌ تُـذْهِبُ عني كلّ iiضِيقِ...
يـا أبـا الأيـتامِ ذا القلبِ iiالرحيمِ سَـيّدَ الإحـسانِ والـبَرِّ iiالـكريمِ
ولـقد أقـبلتَ بـالمَسْعَى iiالـقَويمِ تُـبْرئُ الخَلق من الشركِ iiالذَّميمِ...
فَـلَـكمْ عـلمتَنا حـبَّ iiالـعَطاءِ ولـكمْ أَرسـيتَ فـي بَـرِّ iiالنقاءِ
حـينما أسَّـستَ بُـنيانَ iiالـوفاءِ مَـرْسَلاً بالحقِ من ربِ iiالسماءِ...
أنـتمُ فـي الـدهرِ كـالدُّرِّ iiالفريدِ يـا شَـفيعاً عـند تـوابٍ حَـميدِ
ولـقد شـرّفَ ذِكـراكم iiقَصيدي ولـقد زانَ بـمرآكُمْ iiوُجـودي... |
فـيا خـيرَ خَلْقِ اللهِ مَجْداً ومَحْتدا ونَـفْساً وأَخْـلاقاً بها عُرِفَ iiالمَجْدُ
أتـيتُ إلـيكَ اليومَ أَطْوي سَباسِباً قِـفاراً يُـباريني بها الخَوْفُ iiوالكَدُّ
وفـارقتُ أَخْداني ودَاري iiوجِيرتي ولم يَغْلُ عندي المالُ فيك ولا iiالوِلْدُ
ومـالي بهذي الدارِ غيرُك iiمَأْرَبٌ ومالي سِوى فَيّاضِ إحسانِكم iiقَصْدُ
تَـرَاني كـشفتُ الرأسَ أُنشِدُ واقِفاً قد انحَلَّ من دمعي على شَيْبَتي عِقْدُ
أتيتُكَ أشكو عِبءَ ظَهْري بما iiجَنَتْ يَــدايَ، فـإني بـالمآثِم iiمُـمْتَدُّ
يدُ الغَفْلةِ استولتْ على القَلْبِ iiعَنْوةً فَـمَالي إلى قَلبي صُدورٌ ولا iiوِرْدُ
وطـالتْ إِساءاتي فَوَجْهُ iiصَحيفَتي بِـرَسْمِ الـخطايا والـقبائحِ iiمُسَوَّدُ
وقـد كَـبِرتْ سِـنّي ولم أَرَ قوّتي تُـطيقُ مـن الأعْـمالِ ما به يُعْتَدُّ
وأنـتَ لنا الجاهُ العَريضُ لك الثّنا لكَ المَنْصِبُ العاليِ من اللهِ iiوالمَجْدُ
فـهَبْ ليَ من فَيّاضِ هَدْيكَ iiنَظْرَةٌ لـيُجْلى بـها القلبُ الصَّدِيُّ iiفيمتدُّ
وَأَحْـيا على الهَدْيِ الذي جئتَنَا iiبه وَمَـوْتي على توحيدِ مَنْ لا لَهُ iiنِدُّ |
لـه رَاحـةٌ بـالجُودِ يَـهْمِي iiغَمَامُها ولـم يَـكُ للملهوفِ عن وِردِها صَدُّ
وفـيها لَـدَى الـبَأْساءِ للبائسِ iiالغِنَى وفـيها صُنوفُ اليُمْنِ يُغْنَى به iiالوفْدُ
وفـيها الـحَصَى والزادُ سبَّح iiجَهْرةً ومـنها ثِمارُ الغَرْسِ من عامِها iiتبدو
بـها اتَّـقَدَتْ بـالنّورِ عَـيْنُ iiقَـتَادةٍ وقـد رَدَّهـا مـن بعد ما مَسَّها iiالخدُ
ومـسَّ بـها رأسَ الأُقـيرعِ فاغْتَدى عـلى حُـسنِهِ يَزْهو به الشَّعْرُ iiالجَعدُ
جَرَى الماءُ من بين الأَصابِعِ iiفارْتَوى مِـراراً بـه جَيْشٌ وقد عَذُبَ iiالوِردُ
وكـم فـازَ راجٍ بـالمنى من iiدُعائِهِ وأحـيى قـلوباً مـنه أَمْرَضَها iiالحِقْدُ
دَعَـا اللهَ فـي إكـثارِ تَـمْرٍ iiلجابرٍ وكـانَ لبَعْضِ الدَّينِ قد قيلَ لا iiيَعْدو
ومـا جَـاعَ غـزوٌ كان منهم iiمحمدٌ إذا قَـلَّـتِ الأزوادُ يَـدْعـو فـترتَدُّ
دَعَـا لِـعَليٍّ لا يَـهي الـبَرْدََ iiجِسْمُه فَـعَـاشَ ولا حَـرٌّ يُـلِمُّ ولا iiبَـرْدُ
وكـم مـن مَرِيضٍ مُدْنَفٍ قد دَعَا له فـعُوفِيَ مـما كـان يُـضْني فَيَشْتَدُّ
لِأُمِّ سُـلَيمٍ فـي ابـنِها أَنَـسٍ دَعَـا فَـفَاضَ عـليه المالُ والعُمْرُ iiوالوِلْدُ
ومَزَّقَ كِسْرى طُرْسَه (كتابه) فَدَعا فما رَسَـا مـلكُهُ. والـفَرْعُ مزَّقَ iiوالجندُ |
بـمحمدٍ – صـلُّوا عليه وسلِّموا قـد أشرقَ الكونُ البهيمُ iiالمُظْلمُ
لـيلٌ عـليه الـشركُ مَدّ iiرُواقَه فـهوتْ بـه شُهُبٌ وخَرّتْ iiأَنْجمُ
هـي كالنِّثارِ من المَلائكِ iiللوَرَى فَـرَحاً بـه، ولكلِ عاتٍ iiتَرْجُمُ
وتـقدَّمَتْه مـن الـخَوارقُ جُملةٌ شُـدِهَ الـقُسوسُ لها، وحَارَ القيّمُ
نورُ الهدى كالصبحِ لاحَ فأُخمدتْ نـارُ الـمَجوسِ ولم تَعُدْ تَتَضَرَّمُ
وتـهاوتِ الأَصـنامِ من iiعَليائِها كـادتْ لـفرطِ سُقوطِها iiتَتَحَطَّمُ
وكـأنما الإرهاصُ يَنطِقُ iiواعظاً لـو يـفهمُ القولَ الأَصَمُّ iiوالأَبكمُ
ولـدتـهُ آمـنةٌ أَغَـراً iiأَبْـلَجاً بَـشَراً بـناموسِ الـنبوةِ iiيُختَمُ
وعـليه من سِيما الكمالِ iiمَخائلٌ تُـجْلَى إذا مـا شـامَها iiالمتوسِّمُ |
وَجَـمَ المؤمنون في رَهْبةِ iiالظنِّ ونـاموا عـلى رُؤىً iiسـوداءِ
وتَـمَطَّى عـلى المدينةِ iiصُبحٌ كـاسفُ الـوجهِ قـاتمُ iiالأفياءِ
أحـمدٌ ودَّعَ الـحياةَ فيا iiفاروقُ أقـصرْ مـا فـيك مـن غَلْواءِ
كـلُّ حـيٍّ رهنُ الفناءِ iiوتبقَى آيـةُ اللهِ فـوقَ طـوقِ iiالـفناءِ
يـا عروسَ الصحراءِ ما iiنَبَتَ المجدُ على غيرِ راحةِ الصحراءِ
كلما أغرقتْ لياليها في iiالصمتِ قـامـتْ عـن نَـبْأَةٍ iiزَهْـراءِ
وَرَوَتْـها عـلى الـوجودِ iiكِتابا ذا مُـضَاءٍ أو صَارماً ذا iiمَضاءِ
فـأعيدي مـجدَ العروبةِ واسقي مِـنْ سَـناهُ مـحاجرَ iiالـغَبْراءِ
قـد تَـرُفّ الـحياةُ بعد iiذبولٍ ويـلينُ الـزمانُ بـعدَ iiجـفاءِ |
بَـسَمَ الـطفل للحياةِ وفي iiجَنْبيه ســرُّ الـوديـعة الـصَّـماءِ
هـبَّ مـن مَهدِه، وَدَبَّ iiغريبَ الـدارِ فـي ظِـلّ خيمةٍ iiدَكْناءِ
تَـتَبارى حـليمةٌ خَـلْفه iiتَـعْدو وفـي ثـغرِها افـترارُ iiرِضاءِ
عَرفتْ عنه طَلْعَةَ اليُمنِ iiوالخيرِ ذا أجـدبـتْ رُبَــى iiالـبيَداءِ
وتـجلّى لـها الـفِراقُ iiفأغفتْ فـي ذُهـولِ وأَجْـهَشتْ بالبكاءِ
عــادَ لـلـربعِ أيـنَ iiآمـنةٌ والحبُّ والشوقُ في مجالِ iiاللقاءِ
مـا ارتـوتْ مـنه مُقْلةٌ iiطالما شَـقّتْ عـليه سـتائرَ iiالظلماءِ
يـا اعـتدادَ الأيتامِ باليتمِ iiكَفْكِفْ بـعـدَه كـلَّ دمـعةٍ iiخَـرْساءِ
أحـمدٌ شـبَّ يـا قريشُ iiفتيهي في الغِواياتِ واسْرحي في الشقاءِ
وانْفُضي الكفَّ من فتى ما iiتَرَدى بِــرداءِ الأجــدادِ iiوالآبـاءِ
أنـتِ سـميّتِه الأمينَ iiوضَمَّخْتِ بـذكـراه نَــدوةَ iiالـشـعراءِ |
تصاعد ضغطُ الوجدِ فانخفضَ iiالضَّغْطُ ورِيعَ الطبيبُ البَرُّ، واضطربَ الرَهْطُ
وقـالوا: تَـلَبَّثْ، قِيلَ: قد حَجَزوا iiله َرَدَّ وجـيبُ الـقلبِ: إيـاك لا iiتَخْطُ
فـإنكَ تَشْكو الذنبَ والجذبَ iiوالجَوَى وأحـمدُ مِـعْطاءٌ، وأنـتَ لـه iiسِبْطُ
تعالَجْ به، زِدْ في الهوى، فالهَوى iiدَوا علاجُك فَرْطُ الحبِ، لا الحَبُّ iiوالنَّقْطُ
ولا، لا تـغادرْ روضة الطهرِ iiوالسَّنا فـكم في ظلامِ الذنبِ من نورِها iiوَخْطُ
لـهـا نَـفحاتٌ فـأسالِ اللهَ iiفَـيْضَها بـلهفةِ حِبٍ، إنَّ محضَ الهوى iiشَرْطُ
لـقد أَجْـدَبتْ هذي القلوبُ iiوأَمْحَلَتْ وبالحُبِ فوقَ الطِبّ يُسْتخصَبُ iiالقَحْطُ
ومَنْ يَنْتَسِبْ يَشْرُفْ، ومن يَقْتَرِبْ iiيَنَلْ جَـدَا الله والـقُربى هي الكَرَمُ الفَرْطُ
فـقلتُ: أجلْ رُوحي ورَاحي iiورَاحتي هَـوَى الـمصطفى، لا لَنْ أُفَوِّتها قَطُ. |
وُلِـدَ الـهدى فـالكائناتُ iiضياءُ وفــمُ الـزمانِ تـبسّمٌ iiوثـناءُ
الـروحُ والـملأُ الـملائكُ iiحولَه لـلـدينِ والـدنيا بـه iiبُـشْراءُ
نُظمتْ أسامي الرسلِ فهي صحيفةٌ فـي الـلوحِ واسمُ محمدٍ iiطُغَراءُ
اسـمُ الـجلالةِ فـي بديعِ حروفِه ألـفٌ هـنالك واسـمُ طـه iiالباءُ
يـا خـيرَ من جاءَ الوجودَ iiتحيةً من مرسلينَ إلى الهدى بك جاءوا
بـك بـشَّر اللهُ الـسماءَ iiفزُيّنتْ وتـضوّعتْ مِـسكاً بـك الغبراءُ
وبـدا مـحياك الـذي iiقَـسَماتُه َقٌ، وغُـرتُـه هــدى iiوحَـياءُ
لي في مديحِك يا رسولُ iiعرائسٌ تُـيِّـمْنَ فـيك وشـاقَهن iiجَـلاءُ
هـنَّ الـحِسانُ فـإنْ قبلتَ تكرُّماً فـمُـهُورُهُنَّ شـفـاعةٌ حَـسْناءُ
ولــــــه iiأيـــضـــا ii
تـجلّى مـولدُ الـهادي iiوعـمتْ بـشـائرُه الـبواديَ iiوالـقِصابا
وأسـدتْ لـلبريّةِ بـنتُ iiوهـبٍ يـداً بـيضاءَ طَـوّقتِ iiالـرقابا
لـقد وضـعتْه وهّـاجاً iiمـنيراً كـمـا تَـلِدُ الـسمواتُ الـشهابا
فـقامَ عـلى سـماءِ البيتِ iiنوراً يـضيءُ جـبالَ مـكةَ iiوالـنِّقابا
وضـاعتْ يـثربُ الفيحاءُ iiمسكاً وفــاحَ الـقاعُ أرجـاءً وطـابا
أبـا الـزهراءِ قد جاوزتُ iiقدري مـدحِـكَ بَـيْدَ أَنّ لـيَ انـتسابا
فـما عـرفَ الـبلاغةَ ذو iiبيانٍ ذا لــم يـتـخذْكَ لـه iiكِـتابا
مـدحتُ الـمالكينَ فـزدتُ قَدْراً وحـين مـدحتُك اقتدتُ iiالسَّحابا |