بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد ولد آدم سيدنا محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
أول ماينبغي التنبه إليه عند قراءة هذه الآية لمعرفة معناها هو ملاحظة الحركات الإعرابية وبدون اللغة العربية لايفهم القرآن لقول الله تعالى : إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ، ومعناها لايمكن أن يعقل المعنى إلا بمعرفة اللغة العربية ، فقول الله تعالى اغسلوا فعل مطلوب وقوعه على الوجوه والأيدي وهما مفعول به منصوب علامة نصبه الفتحة على الهاء ثم على الياء في أيديكم والأرجل معطوفة عليهما ولذلك وجدت الفتحة على اللام بينما لفظ الرؤوس مجرور بالكسرة فكيف يكون المنصوب معطوفاً على المجرور ولذلك فسرها الأئمة بأن الأرجل مما يجب غسله لإنها معطوفة على الوجوه والأيدي لا على الرؤوس فالآية تأمر بغسل الأرجل لابمسحها هذا هو أمر الله وليس أمر الله هو ماجاء في نص السؤال ، وقد جاء في بعض القراءات بجر اللام ( وأرجلِكم ) فتكون الأرجل معطوفة على الرؤوس و فهم منها الأئمة الفقهاء أن هذه القراءة مراد بها المسح على الخفين لإن النبي صلى الله عليه وسلم دل كلامه على ذلك ، والله تعالى ذكر في القرآن الكريم أن النبي صلى الله عليه وسلم مبين موضح للقرآن الكريم فلما قال للمتوضئين الذين رآهم يمسحون على أرجلهم ويل للأعقاب من النار ( كما جاء في رواية البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ َخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ) دل على أن الغسل فريضة كما في قراءة ( وأرجلّكم ) بفتح اللام وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين ورجلاه في داخلهما دل على أن موضع المسح هو هذا فبين النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العمل أن المسح على الأرجل مراد به حالة خاصة هي حالة لبس الخفين
ومهمة بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن لها وجوه : منها تحديد مواضع كل أمر ومنها بيان الخاص من العام وبيان المطلق من المقيد وبيان المنسوخ كما جاء في آية قصر الصلاة ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا
فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن القصر في غير حالة الخوف فقال صلى الله عليه وسلم ( صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عليكم فاقبلوا صدقته ( مسلم) أي أن الله نسخ شرط الخوف وأباح القصر في السفر وإن لم يكن في خوف من الذين كفروا أو غيرهم
الشيخ الدكتور محمود الزين
|